شَيْءٍ، تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ يَعْلَمُ وَلَوْ تَعْلَمُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الخفيف]

إِنْ يَكُنْ طِبَّكِ الدَّلَالُ فَلَوْ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ وَالسِّنِينَ الْخَوَالِي
هَذَا لَيْسَ لَهُ جَوَابٌ إِلَّا فِي الْمَعْنَى، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَبِحَظٍّ مِمَّا نَعِيشُ وَلَا تَذْ هَبْ بِكَ التُّرَّهَاتُ فِي الْأَهْوَالِ
فَأَضْمَرَ «عِيشِي». قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «وَلَوْ تَرَى» وَفَتَحَ «أَنَّ» عَلَى «تَرَى» وَلَيْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ، وَلَكِنْ أَرَادَ أنْ يُعْلِمَ ذَلِكَ النَّاسَ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [يونس: ٣٨] لِيُخْبِرَ النَّاسَ عَنْ جَهْلِهِمْ، وَكَمَا قَالَ: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَنْكَرَ قَوْمٌ أَنْ تَكُونَ «أَنَّ» عَامِلًا فِيهَا قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ يَرَى﴾ [البقرة: ١٦٥] وَقَالُوا: إِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَدْ عَلِمُوا حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، فَلَا وَجْهَ لِمَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ. وَقَالُوا: إِنَّمَا عَمِلَ فِي «أَنَّ» جَوَّابُ «لَوْ» الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، لِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: مَنْ نَصَبَ: ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ [البقرة: ١٦٥] مِمَّنْ قَرَأَ: ﴿وَلَوْ يَرَى﴾ [البقرة: ١٦٥] بِالْيَاءِ فَإِنَّمَا نَصَبَهَا بِإِعْمَالِ الرُّؤْيَةِ فِيهَا، وَجَعَلَ الرُّؤْيَةَ وَاقِعَةً عَلَيْهَا. وَأَمَّا مَنْ نَصَبَهَا مِمَّنْ قَرَأَ: (وَلَوْ تَرَى) بِالتَّاءِ، فَإِنَّهُ نَصَبَهَا عَلَى


الصفحة التالية
Icon