حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَنٍ الْأَزْدِيُّ. قَالَ: ثنا مُعَافًى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ رُخْصَةٌ، وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِنَّا نُسَافِرُ فِي الشِّتَاءِ فِي رَمَضَانَ، فَإِنْ صُمْتَ فِيهِ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْضِيَهُ فِي الْحَرِّ. فَقَالَ " قَالَ اللَّهُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] مَا كَانَ أَيْسَرَ عَلَيْكَ فَافْعَلْ " وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَرِيضًا لَوْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَهُوَ مِمَّنْ لَهُ الْإِفْطَارُ لِمَرَضِهِ أَنَّ صَوْمَهُ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِذَا بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ بِعِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْمُسَافِرِ حُكْمًهُ فِي أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِنْ صَامَهُ فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي جُعِلَ لِلْمُسَافِرِ مِنَ الْإِفْطَارِ وَأُمِرَ بِهِ مِنْ قَضَاءِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مِثْلُ الَّذِي جُعِلَ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ، وَأُمِرَ بِهِ مِنَ الْقَضَاءِ. ثُمَّ فِي دَلَالَةِ الْآيَةِ كِفَايَةٌ مُغْنِيَةٌ عَنِ اسْتِشْهَادِ شَاهِدٍ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِغَيْرِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ -[٢١٤]- الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَلَا عُسْرَ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يَلْزَمَ مَنْ صَامَهُ فِي سَفَرِهِ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَقَدْ تَكَلَّفَ أَدَاءَ فَرْضِهِ فِي أَثْقَلِ الْحَالَيْنِ عَلَيْهِ حَتَّى قَضَاهُ وَأَدَّاهُ. فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاوَةٍ أَنَّ الَّذِي صَامَهُ لَمْ يَكُنْ فَرْضُهُ الْوَاجِبَ، فَإِنَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣]، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] مَا يُنْبِئُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ صَوْمُهُ مِنَ الشُّهُورِ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا، لِعُمُومِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وَأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] مَعْنَاهُ: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَأَفْطَرَ بِرُخْصَةِ اللَّهِ فَعَلَيْهِ صَوْمُ عِدَّةِ أَيَّامٍ أُخَرَ مَكَانَ الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ. ثُمَّ فِي تَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ إِذَا سُئِلَ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطَرَ» الْكِفَايَةُ الْكَافِيَةُ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِ


الصفحة التالية
Icon