حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] قَالَ «كَانَ النَّاسُ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ إِذَا رَقَدَ أَحَدُهُمْ مِنَ اللَّيْلِ رَقْدَةً، لَمْ يَحِلَّ لَهُ طَعَامٌ، وَلَا شَرَابٌ، وَلَا أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ إِلَى اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ، فَوَقَعَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَكَلَ بَعْدَ هَجْعَتِهِ، أَوْ شَرِبَ، وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَرَخَّصَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُمْ»
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ " كُتِبَ عَلَى النَّصَارَى رَمَضَانُ، وَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَأْكُلُوا، وَلَا يَشْرَبُوا بَعْدَ النَّوْمِ وَلَا يَنْكِحُوا النِّسَاءَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَكُتِبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ يَصْنَعُونَ كَمَا تَصْنَعُ النَّصَارَى، حَتَّى أَقْبَلْ رَجُلٌ مِنَ -[٢٤٠]- الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو قَيْسِ بْنُ صِرْمَةَ، وَكَانَ يَعْمَلُ فِي حِيطَانِ الْمَدِينَةِ بِالْأَجْرِ، فَأَتَى أَهْلَهُ بِتَمْرٍ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: اسْتَبْدِلِي بِهَذَا التَّمْرِ طَحِينًا فَاجْعَلِيهِ سَخِينَةً لَعَلِّي أَنْ آكُلَهُ، فَإِنَّ التَّمْرَ قَدْ أَحْرَقَ جَوْفِي، فَانْطَلَقْتُ فَاسْتَبْدَلْتُ لَهُ، ثُمَّ صَنَعْتُ، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِ فَنَامَ، فَأَيْقَظْتُهُ، فَكَرِهَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَأَصْبَحَ صَائِمًا؛ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَشِيِّ، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا قَيْسٍ أَمْسَيْتَ طَلِيحًا»، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ فِي نَاسٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَمْلِكُوا أَنْفُسَهُمْ؛ فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ كَلَامَ أَبِي قَيْسٍ رَهِبَ أَنْ يَنْزِلَ فِي أَبِي قَيْسٍ شَيْءٌ، فَتَذَكَّرَ هُوَ، فَقَامَ فَاعْتَذَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ إِنِّي وَقَعْتُ عَلَى جَارِيَتِي، وَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي الْبَارِحَةَ فَلَمَّا تَكَلَّمَ عُمَرُ تَكَلَّمَ أُولَئِكَ النَّاسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كُنْتَ جَدِيرًا بِذَلِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ»، فَنُسِخَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، فَقَالَ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] يَقُولُ: إِنَّكُمْ تَقَعُونَ عَلَيْهِنَّ خِيَانَةً ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] يَقُولُ: جَامِعُوهُنَّ؛ وَرَجَعَ إِلَى أَبِي قَيْسٍ، فَقَالَ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: ١٨٧] "