أَجْدَلَ مِنْهُ وَأَعْرَفَ بِالْحُجَّةِ، فَيُخَاصِمُهُ فِي مَالِهِ بِالْبَاطِلِ لِيَأْكُلَ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ. وَقَرَأَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] قَالَ: هَذَا الْقِمَارُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ " وَأَصْلُ الْإِدْلَاءِ: إِرْسَالُ الرَّجُلِ الدَّلْوَ فِي سَبَبٍ مُتَعَلِّقًا بِهِ فِي الْبِئْرِ، فَقِيلَ لِلْمُحَتَجِّ بِدَعْوَاهُ أَدْلَى بِحُجَّةِ كَيْتَ، وَكَيْتَ إِذْ كَانَ حُجَّتُهُ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا سَبَبًا لَهُ هُوَ بِهِ مُتَعَلِّقٌ فِي خُصُومَتِهِ كَتَعَلُّقِ الْمُسْتَقَى مِنْ بِئْرٍ بِدَلْو قَدْ أرْسَلَهَا فِيهَا بِسَبِبِهَا الَّذِي الدَّلْوُ بِهِ مُتَعَلِّقَةٌ، يُقَالُ فِيهِمَا جَمِيعًا، أَعِنِّي مِنَ الِاحْتِجَاجِ، وَمِنْ إِرْسَالِ الدَّلْوِ فِي الْبِئْرِ بِسَبَبٍ: أَدْلَى فُلَانٌ بِحُجَّتِهِ فَهُوَ يُدْلِي بِهَا إِدْلَاءً، وَأَدْلَى دَلْوَهُ فِي الْبِئْرِ فَهُوَ يُدْلِيهَا إِدْلَاءً. فَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾ [البقرة: ١٨٨] فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ مِنَ الْإِعْرَابِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلِهِ: ﴿وَتُدْلُوا﴾ [البقرة: ١٨٨] جَزْمًا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨] أَيْ وَلَا تُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أَبِي بِتَكْرِيرِ حَرْفِ النَّهْيِ، وَلَا تُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ. وَالْآخَرُ مِنْهُمَا النَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ: لَا تَأْكُلُوا