وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَا: لَمَّا كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وَذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا، وَاحْلِقُوا». قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمٍّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِكَلِمَةٍ حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَلَّاقَكَ فَتَحْلِقَ فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ مِنْهُمْ أَحَدًا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا " قَالُوا: فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ حِينَ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَحَلَّ هُوَ، وَأَصْحَابُهُ. قَالُوا: وَالْحُدَيْبِيَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْحَرَمِ، قَالُوا، فَفِي مِثْلِ ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْي مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] حَتَّى يَبْلُغَ بِالذَّبْحِ أَوِ النَّحْرِ مَحِلَّ أَكْلِهِ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي مَحِلِّ ذَبْحِهِ، وَنَحْرِهِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي نَظِيرِهِ إِذْ أُتِيَ بِلَحْمٍ أَتَتْهُ بَرِيرَةُ مِنْ صَدَقَةٍ كَانَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهَا، فَقَالَ: «قَرِّبُوهُ فَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ» يَعْنِي: فَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّ طِيبِهِ وَحَلَالِهِ لَهُ بِالْهَدِيَّةِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ


الصفحة التالية
Icon