اللَّهَ لَمْ يَحْصُرْهُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْدُوهَا إِلَى غَيْرِهَا، بَلْ جَعَلَ إِلَيْهِ فِعْلَ أَيَّ الثَّلَاثِ شَاءَ. وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: مَا قُلْتَ فِي الْمُكَفِّرِ عَنْ يَمِينِهِ، أَمُخَيَّرٌ إِذَا كَانَ مُوسِرًا فِي أَنْ يُكَفِّرَ بِأَيِّ الْكَفَّارَاتِ الثَّلَاثِ شَاءَ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا، خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَإِنْ قَالَ: بَلَى، سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْتَدِي مِنْ حَلْقِ رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ أَذًى بِهِ، ثُمَّ لَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. عَلَى أَنَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ إِجْمَاعٌ مِنَ الْحِجَّةِ، فَفِي ذَلِكَ مُسْتَغْنًى عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى صِحَّتِهِ بِغَيْرِهِ. وَأَمَّا الزَّاعِمُونَ أَنَّ كَفَّارَةَ الْحَلْقِ قَبْلَ الْحَلْقِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنِ الْكَفَّارَةِ لِلْمُتَمَتِّعِ، قَبْلَ التَّمَتُّعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا قَبْلَهُ قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَةُ عَنِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ. فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ الْأُمَّةِ. وَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، قِيلَ: وَمَا الْوَجْهُ الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْحَلْقِ قَبْلَ الْحَلْقِ، وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ قَبْلَ التَّمَتُّعِ، وَلَمْ يَجِبْ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ؟ وَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ عَكَسَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ فَأَوْجَبَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَأَبْطَلَ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْحَلْقِ كَفَّارَةً لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْحَلْقِ، فَرْقٌ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. فَإِنِ اعْتَلَّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ أَنَّهَا غَيْرُ مُجْزِئَةٍ قَبْلَ الْحَلِفِ بِإِجْمَاعِ


الصفحة التالية
Icon