قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ جِمَاعِ مُؤَنَّثٍ بِالتَّاءِ، ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ رَجُلًا أَوْ مَكَانًا أَوِ أَرْضًا أَوِ امْرَأَةً انْصَرَفَتْ. قَالَ: وَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تُسَمِّي شَيْئًا مِنَ الْجِمَاعِ إِلَّا جِمَاعًا، ثُمَّ تَجْعَلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحِدًا. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: لَيْسَتْ عَرَفَاتٌ حِكَايَةً وَلَا هِيَ اسْمٌ مَنْقُولٌ؛ وَلَكِنَّ الْمَوْضِعَ مُسَمًّى هُوَ وَجَوَانِبُهُ بِعَرَفَاتٍ، ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهَا الْبُقْعَةُ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ، وَلَا يَنْفَرِدُ وَاحِدُهَا. قَالَ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ هَذَا فِي الْأَمَاكِنِ وَالْمَوَاضِعِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ. قَالَ: وَلِذَلِكَ نُصَبَتِ الْعَرَبُ التَّاءَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ، وَلَوْ كَانَ مَحْكِيًّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِيهِ جَائِزًا، لِأَنَّ مَنْ سَمَّى رَجُلًا مُسْلِمَاتٍ، أَوْ بِمُسْلِمِينَ لَمْ يَنْقُلْهُ فِي الْإِعْرَابِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ، فَلِذَلِكَ خَالَفَ عَانَاتٍ، وَأَذْرِعَاتٍ مَا سُمَيَّ بِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ عَلَى جِهَةِ الْحِكَايَةِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لِعَرَفَاتٍ عَرَفَاتٌ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِيلَ لَهَا ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمَّا رَآهَا عَرَفَهَا بِنَعْتِهَا الَّذِي كَانَ لَهَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُ، فَسُمِّيَتْ عَرَفَاتٍ بِذَلِكَ. وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ قَائِلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَرَفَاتٍ اسْمٌ لِلْبُقْعَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِنَفْسِهَا وَمَا حَوْلَهَا، كَمَا يُقَالُ: ثَوْبٌ أَخْلَاقٌ، وَأَرْضٌ سَبَاسِبٌ، فَتُجْمَعُ بِمَا حَوْلَهَا


الصفحة التالية
Icon