وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثني هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِشْرَ بْنَ سُحَيْمٍ، فَنَادَى فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ اللَّهِ»
وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ، فَنَادَى فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ اللَّهِ، إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ هَدْي»
وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءِ حِينَ وَقَفَ عَلَى شِعْبِ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَيَّامِ صِيَامٍ، إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلِ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ فِي أَيَّامِ مِنًى: «إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ» لَمْ يُخْبِرْ أُمَّتَهُ أَنَّهَا الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَمَا تُنْكِرُ أَنْ -[٥٥٦]- يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَى بِقَوْلِهِ: «وَذِكْرِ اللَّهِ» : الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ؟ قِيلَ: غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ عَنَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يُوجِبُ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ مِنْ ذِكْرِهِ فِيهَا مَا أَوْجَبَ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، وَإِنَّمَا وَصَفَ الْمَعْلُومَاتِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِأَنَّهَا أَيَّامٌ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ عَلَى بَهَائِمِ الْأَنْعَامِ، فَقَالَ: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨] فَلَمْ يُوجِبْ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ مِنْ ذِكْرِهِ كَالَّذِي أَوْجَبَهُ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ مِنْ ذِكْرِهِ، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهَا أَيَّامُ ذِكْرِهِ عَلَى بَهَائِمِ الْأَنْعَامِ. فَكَانَ مَعْلُومًا إِذْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ» فَأَخْرَجَ قَوْلَهُ: «وَذِكْرِ اللَّهِ» مُطْلَقًا بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَلَا إِضَافَةٍ، إِلَى أَنَّهُ الذِّكْرُ عَلَى بَهَائِمِ الْأَنْعَامِ، أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ الذِّكْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَأَوْجَبَهُ عَلَى عِبَادِهِ مُطْلَقًا بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا إِضَافَةٍ إِلَى مَعْنًى فِي الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصْفَ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ بِهِ، لَوَصَلَ قَوْلَهُ: «وَذِكْرِ» إِلَى أَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهَائِمِ الْأَنْعَامِ، كَالَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِهِ ذَلِكَ؛ وَلَكِنَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ بِاسْمِ الذِّكْرِ مِنْ غَيْرِ وَصْلِهِ بِشَيْءٍ، كَالَّذِي أَطْلَقَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِاسْمِ الذِّكْرِ، فَقَالَ: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣] فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَوْجَبَهَ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ