تَوْجِيهُ قَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ﴾ [البقرة: ٢٠٨] إِلَى ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَأَيُّ هَذَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ دُعِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَافَّةً؟ قِيلَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دُعِيَ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا جَاءَ بِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: قِيلَ: دُعِيَ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ بِمَنْ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِمُحَمَّدٍ. فَإِنْ قَالَ: فَمَا وَجْهُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِ بِمُحَمَّدٍ وَبِمَا جَاءَ بِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ؟ قِيلَ: وَجْهُ دُعَائِهِ إِلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ لَهُ بِالْعَمَلِ بِجَمِيعِ شَرَائِعِهِ، وَإِقَامَةِ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَحُدُودِهِ، دُونَ تَضْيِيعِ بَعْضِهِ وَالْعَمَلِ بِبَعْضِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، كَانَ قَوْلُهُ ﴿كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨] مِنْ صِفَةِ السَّلْمِ، وَيَكُونُ تَأْوِيلُهُ: ادْخُلُوا فِي الْعَمَلِ بِجَمِيعِ مَعَانِي السَّلْمِ، وَلَا تُضَيِّعُوا شَيْئًا مِنْهُ يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ وَمَا جَاءَ بِهِ. وَبِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ يَقُولُ عِكْرِمَةُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلَهُ: " ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨] قَالَ: نَزَلَتْ فِي ثَعْلَبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ، وَابْنِ يَامِينَ، وَأَسَدٍ، وَأُسَيْدٍ ابْنَيْ كَعْبٍ، وَشُعْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَقَيْسِ بْنِ زَيْدٍ،