خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] بِمَعْنَى: وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْقُرُوءِ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَكَرَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ وَصْفِهِ إِيَّاهُنَّ بِمَا وَصَفَهُنَّ بِهِ مِنْ فِرَاقِ أَزْوَاجِهِنَّ بِالطَّلَاقِ، وَإِعْلَامِهِنَّ مَا يَلْزَمُهُنَّ مِنَ التَّرَبُّصِ مُعَرِّفًا لَهُنَّ بِذَلِكَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ وَمَا يَحِلُّ، وَمَا يَلْزَمُهُنَّ مِنَ الْعِدَّةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِنَّ فِيهَا، فَكَانَ مِمَّا عَرَّفَهُنَّ أَنَّ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ أَزْوَاجَهُنَّ الْحَيْضَ، وَالْحَبَلَ الَّذِي يَكُونُ بِوَضْعِ هَذَا، وَانْقِضَاءِ هَذَا إِلَى نِهَايَةٍ مَحْدُودَةٍ، انْقِطَاعُ حُقُوقِ أَزْوَاجِهِنَّ ضِرَارٌ مِنْهُنَّ لَهُمْ، فَكَانَ نَهْيُهُ عَمَّا نَهَاهُنَّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ صِفَةِ مَا يَلِيهِ قِبَلَهُ وَيَتْلُوهُ بَعْدَهُ، أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ صِفَةِ مَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ قَبْلَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: ٢٢٨] أَوْ يَحِلُّ لَهُنَّ كِتْمَانُ ذَلِكَ أَزْوَاجَهُنَّ إِنْ كُنَّ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ حَتَّى خَصَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَاتِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؟ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّ كِتْمَانَ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ زَوْجَهَا الْمُطَلِّقَهَا مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَحِمِهَا مِنْ حَيْضٍ، وَوَلَدٍ فِي أَيَّامِ عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِهِ ضِرَارًا لَهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلَا مِنْ أَخْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأَخْلَاقُهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ الْكَوَافِرِ فَلَا تَتَخَلَّقْنَ أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَاتُ بِأَخْلَاقِهِنَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَكِنْ إِنْ كُنْتُنَّ تُؤْمِنَّ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَكُنْتُنَّ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ؛ لَا أَنُّ الْمُؤْمِنَاتِ هُنَّ الْمَخْصُوصَاتُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ دُونَ الْكَوَافِرِ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ


الصفحة التالية
Icon