حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢] هُوَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً ثُمَّ يَسْكُتُ عَنْهَا، فَيَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، فَقَالَ اللَّهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ: لَا تَعْضُلُوهُنَّ، يَقُولُ: لَا تَمْنَعُوهُنَّ أَنْ يَرْجِعْنَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا رَضِيتِ الْمَرْأَةُ وَأَرَادَتْ أَنْ تُرَاجِعَ زَوْجَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْزَلَهَا دَلَالَةً عَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَى أَوْلِيَاءِ النِّسَاءِ مُضَارَّةَ مَنْ كَانُوا لَهُ أَوْلِيَاءً مِنَ النِّسَاءِ بِعَضْلِهِنَّ عَمَّنْ أَرَدْنَ نِكَاحَهُ مِنْ أَزْوَاجٍ كَانُوا لَهُنَّ، فَبِنَّ مِنْهُنَّ بِمَا تَبِينُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخِ نِكَاحٍ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي أَمْرِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَمْرِ أُخْتِهِ أَوْ فِي أَمْرِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَمْرِ ابْنَةِ عَمِّهِ، وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢] لَا تُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ بِمَنْعِكُمْ إِيَّاهُنَّ أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ مِنْ مُرَاجَعَةِ أَزْوَاجِهِنَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ تَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مُضَارَّتَهُنَّ، يُقَالُ مِنْهُ: عَضَلَ فُلَانٌ فُلَانَةَ عَنِ الْأَزْوَاجِ يَعْضُلُهَا عَضْلًا وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ مَنْ لُغَتُهَا: عَضَلَ يَعْضُلُ، فَمَنْ كَانَ مَنْ لُغَتُهُ عَضَلَ، فَإِنَّهُ إِنْ صَارَ إِلَى يَفْعَلُ، قَالَ: يَعْضَلُ بِفَتْحِ الضَّادِ، وَالْقِرَاءَةُ عَلَى ضَمِّ الضَّادِ دُونَ كَسْرِهَا، وَالضَّمُّ مِنْ لُغَةِ مَنْ قَالَ عَضَلَ، وَأَصْلُ الْعَضْلِ: الضِّيقُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ: «وَقَدْ أَعْضَلَ بِي أَهْلُ -[١٩٤]- الْعِرَاقِ، لَا يَرْضَوْنَ عَنْ وَالٍ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُمْ وَالٍ» يَعْنِي بِذَلِكَ حَمَلُونِي عَلَى أَمْرٍ ضَيِّقٍ شَدِيدٍ لَا أُطِيقُ الْقِيَامَ بِهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا: الدَّاءُ الْعُضَالُ، وَهُوَ الدَّاءُ الَّذِي لَا يُطَاقُ عِلَاجُهُ لِضِيقِهِ عَنِ الْعِلَاجِ، وَتَجَاوُزِهِ حَدَّ الْأَدْوَاءِ الَّتِي يَكُونُ لَهَا عِلَاجٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
[البحر الوافر]
وَلَمْ أَقْذِفْ لِمُؤْمِنَةٍ حَصَانٍ | بِإِذْنِ اللَّهِ مُوجِبَةً عُضَالًا |
[البحر الطويل]
وَلَيْسَ أَخُوكَ الدَّائِمُ الْعَهْدِ بِالَّذِي | يَذُمُّكَ إِنْ وَلَّى وَيُرْضِيكَ مُقْبِلَا |
وَلَكِنَّهُ النَّائِي إِذَا كُنْتُ آمِنًا | وَصَاحِبُكَ الْأَدْنَى إِذَا الْأَمْرُ أَعْضَلَا |