مَاذَا، فَيَرْفَعُونَ تُرِيدُ، لِأَنَّ لَا جَالِبٌ لِـ «أَنْ» قَبْلَهُ، كَمَا كَانَ لَهُ جَالِبٌ قَبْلَ تَصْنَعُ، فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا تُضَارُّ إِذَا قُرِئَ رَفْعًا بِمَعْنَى: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُضَارَّ، أَمَا مَا يَنْبَغِي أَنَّ تُضَارَّ، ثُمَّ حَذَفَ يَنْبَغِي وَأَنْ، وَأُقِيمَ تُضَارُّ مَقَامَ يَنْبَغِي لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقْرَأَ إِذَا قُرِئَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى نَصْبًا لَا رَفْعًا، لِيُعْلَمَ بِنَصْبِهِ الْمَتْرُوكَ قَبْلَهُ الْمَعْنِيُّ بِالْمُرَادِ، كَمَا فَعَلَ بِقَوْلِهِ فَتَصْنَعُ مَاذَا، وَلَكِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ مَا قُلْنَا إِذَا رَفَعَ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى لَا تُكَلَّفُ لَيْسَتْ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا، وَلَيْسَتْ تُضَارُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي دِينِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ وَأَخْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ، لِأَنَّهُ نَهْيٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيِ الْمَوْلُودِ عَنْ مُضَارَّةِ صَاحِبِهِ لَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا لَكَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمَا ضِرَارُهُمَا بِهِ كَذَلِكَ، وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى النَّهْيِ تَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] لَا تَأْبَى أَنْ تُرْضِعُهُ لِيَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ، وَلَا يُضَارَّ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ، فَيَمْنَعُ أُمَّهُ أَنْ تُرْضِعَهُ لِيُحْزِنَهَا " حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ


الصفحة التالية