بِوَلَدِهَا، وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ، كَمَا يُقَالُ إِذَا نُهِيَ عَنْ إِكْرَامِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِالنَّهْيِ عَنْ إِكْرَامِهِ قَصْدَ شَخَصٍ بِعَيْنِهِ: لَا يُكْرَمُ عَمْرٌو، وَلَا يُجْلَسُ إِلَى أَخِيهِ، ثُمَّ تَرَكَ التَّضْعِيفَ فَقِيلَ: لَا يُضَارَّ، فَحُرِّكَتِ الرَّاءُ الثَّانِيَةِ الَّتِي كَانَتْ مَجْزُومَةً لَوْ أَظْهَرَ التَّضْعِيفَ بِحَرَكَةِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهَا إِنَّمَا حُرِّكَتْ إِلَى الْفَتْحِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَرَكَاتِ وَلَيْسَ لِلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: لَا تُضَارُّونَ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَكَانَ الْمَنْهِيُّ عَنِ الضِّرَارِ هِيَ الْوَالِدَةُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْكَسْرُ فِي تُضَارَّ أَفْصَحَ مِنَ الْفَتْحِ، وَالْقِرَاءَةُ بِهِ كَانَتْ أَصَوْبَ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِالْفَتْحِ، كَمَا أَنَّ مَدَّ بِالثَّوْبِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّ بِهِ، وَفِي إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ عَلَى قِرَاءَةِ: ﴿لَا تُضَارَّ﴾ [البقرة: ٢٣٣] بِالْفَتْحِ دُونَ الْكِسَرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى إِغْفَالِ مَنْ حَكَيْتِ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ ذَلِكَ قَالَهُ تَوَهُّمًا مِنْهُ أَنَّهُ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تُضَارَرُ وَالِدَةٌ، وَأَنَّ الْوَالِدَةَ مَرْفُوعَةٌ بِفِعْلِهَا، وَأَنَّ الرَّاءَ الْأُولَى حَظُّهَا الْكَسْرُ؛ فَقَدْ أَغْفَلَ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ، وَخَالَفَ قَوْلَ جَمِيعِ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَقَدَّمَ


الصفحة التالية
Icon