ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُ " وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فَإِنَّهُ يَعْنِي: عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَوْلُودِ لِفَطْمِهِ
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ، مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قَالَ: غَيْرُ مُسِيئِينَ فِي ظُلْمِ أَنْفُسِهِمَا وَلَا إِلَى صَبِيِّهِمَا ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: ٢٢٩] " حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا فِي الْحَوْلَيْنِ عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، لِأَنَّ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ غَايَةٌ لِتَمَامِ الرَّضَاعِ وَانْقِضَائِهِ، وَلَا تُشَاوَرَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ؛ وَإِنَّمَا التَّشَاوُرُ وَالتَّرَاضِي قَبْلَ انْقِضَاءِ نِهَايَتِهِ، فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَفْلَةٍ أَنَّ لِلتَّشَاوُرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلَيْنِ مَعْنَى صَحِيحًا، إِذْ كَانَ مِنَ الصِّبْيَانِ مَنْ تَكُونُ بِهِ عِلَّةٌ يَحْتَاجُ مِنْ أَجَلِهَا إِلَى تَرْكِهِ، وَالِاغْتِذَاءِ بِلَبَنِ أُمِّهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ -[٢٤٠]- إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ عِلَاجٌ كَالْعِلَاجِ بِشُرْبِ بَعْضِ الْأَدْوِيَةِ لَا رَضَاعٌ، فَأَمَّا الرَّضَاعُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْفِصَالِ مِنْهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ آخِرِهِ تَرَاضٍ وَتَشَاوُرٌ مِنْ وَالِدِي الطِّفْلِ الَّذِي أَسْقَطَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِفَطْمِهِمَا إِيَّاهُ الْجُنَاحَ عَنْهُمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ آخِرِ مُدَّتِهِ، فَإِنَّمَا الْحَدُّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] عَلَى مَا قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَانِ عَنْهُ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، وَأَمَّا الْجُنَاحُ: فَالْحَرَجُ