وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ ابْنَ جُرَيْجٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى بَعْضِهِ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَضَيْنَا لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَكَرَ قَبْلَ قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أَمَرَ فِصَالَهُمْ، وَبَيَّنَ الْحُكْمَ فِي فِطَامِهِمْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ، فَقَالَ: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] فِي الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِحُكْمِ الْآيَةِ، إِذْ كَانَ قَدْ بُيِّنَ فِيهَا وَجْهُ الْفِصَالِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ حُكْمُ تَرْكِ الْفِصَالِ وَإِتْمَامِ الرَّضَاعِ إِلَى غَايَةِ نِهَايَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ إِذْ كَانَ قَدْ بُيِّنَ حُكْمُ الْأُمِّ إِذَا هِيَ اخْتَارَتِ الرَّضَاعَ بِمَا يُرْضِعُ بِهِ غَيْرُهَا مِنَ الْأُجْرَةِ، أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ مِنَ الْحُكْمِ بَيَانُ حُكْمِهَا وَحُكْمِ الْوَلَدِ إِذَا هِيَ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦] فَأَتْبَعَ ذِكْرَ بَيَانِ رِضَا الْوَالِدَاتِ بِرَضَاعِ أَوْلَادِهِنَّ، ذِكْرُ بَيَانِ امْتِنَاعِهِنَّ مِنْ رَضَاعِهِنَّ، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ أرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] مَا اخْتَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَرَضَ عَلَى أَبِي الْمَوْلُودِ تَسْلِيمَ حَقِّ وَالِدَتِهِ إِلَيْهَا مِمَّا آتَاهَا مِنَ الْأُجْرَةِ عَلَى رِضَاعِهَا لَهُ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ، كَمَا فَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ مَوْلِدِهِ بِسَبِيلٍ، وَأَمَرَهُ بِإِيتَاءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَقَّهَا بِالْمَعْرُوفِ عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: «إِذَا سَلَّمْتُمْ» بِأَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى


الصفحة التالية
Icon