طَلَّقْتُكِ، قَدْ رَاجَعْتُكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ " حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْجُنَاحُ الَّذِي وُضِعَ عَنِ النَّاسِ فِي طَلَاقِهِمْ نِسَاءَهُمْ قَبْلَ الْمَسِيسِ، هُوَ الَّذِي كَانَ يَلْحَقُهُمْ مِنْهُ بَعْدَ ذَوْقِهِمْ إِيَّاهُنَّ، كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: لَا جُنَاحَ: لَا سَبِيلَ عَلَيْكُمْ لِلنِّسَاءِ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، وَلَمْ تَكُونُوا فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فِي إِتْبَاعِكُمْ بِصَدَاقٍ، وَلَا نَفَقَةٍ. وَذَلِكَ مَذْهَبٌ لَوْلَا مَا قَدْ وَصَفْتُ مِنْ أَنِّ الْمَعْنِيَّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ صِنْفَانِ مِنَ النِّسَاءِ: أَحَدُهُمَا الْمَفْرُوضُ لَهَا، وَالْآخَرُ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ لَهَا، فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِأَنْ يُقَالَ: لَا سَبِيلَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ فِي صَدَاقٍ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا. وَقَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ، فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتُمْ طَلَاقَهُنَّ، لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهِنَّ، فَلِلْرَجُلِ أَنْ يُطَلِّقَهُنَّ إِذَا لَمْ يَكُنَّ مَسَّهُنَّ حَائِضًا وَطَاهِرًا فِي كُلِّ وَقْتٍ أَحَبَّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا الَّتِي قَدْ مُسَّتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِزَوْجِهَا طَلَاقُهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْأَقْرَاءِ إِلَّا لِلْعِدَّةِ طَاهِرًا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ، فَيَكُونُ الْجُنَاحُ الَّذِي أَسْقَطَ عَنْ مُطَلِّقِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا هُوَ الْجُنَاحُ الَّذِي كَانَ بِهِ مَأْخُوذًا الْمُطَلِّقُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ.


الصفحة التالية
Icon