ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثني يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَجْلَانَ، أَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ، كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: " ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ: هُوَ كَافِرٌ، هُوَ مُشْرِكٌ، قَالَ: لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿لَا -[٤١]- يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: اللَّغْوُ فِي هَذَا: الْحَلِفُ بِاللَّهِ مَا كَانَ بِالْأَلْسُنِ فَجَعَلَهُ لَغْوًا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ، وَهُوَ إِذًا يُشْرِكُ بِاللَّهِ، وَهُوَ يَدْعُو مَعَ اللَّهِ إِلَهًا، فَهَذَا اللَّغْوُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥] قَالَ: بِمَا كَانَ فِي قُلُوبِكُمْ صِدْقًا وَاخَذَكَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِكَ صِدْقًا لَمْ يُؤَاخِذْكَ بِهِ، وَإِنْ أَثِمْتَ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَوْعَدَ عِبَادَهُ أَنْ يُؤَاخِذَهُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ، فَالَّذِي تَكْسِبُهُ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ، هُوَ مَا قَصَدَتْهُ، وَعَزَمَتْ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ مِنْهَا بِمَا تَقْصُدُهُ وَتُرِيدُهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ الْعَزْمِ عَلَى مَا يَكُونُ بِهِ الْعَازِمُ عَلَيْهِ فِي حَالِ عَزْمِهِ بِالْعَزْمِ عَلَيْهِ آثِمًا، وَبِفِعْلِهِ مُسْتَحِقًّا الْمُؤَاخَذَةَ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ كَالْحَالِفِ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ، وَعَلَى الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ فَعَلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، قَاصِدًا لَقِيلِ الْكَذِبِ، وَذَاكِرًا أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ، فَيَكُونُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ وَاخَذَهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ بِتفَضُّلِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهَا فِي الْعَاجِلِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ الَّتِي يَحْنَثُ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ تَجِبُ فِي الْأَيْمَانِ بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَالْحَالِفُ الْكَاذِبُ فِي يَمِينِهِ لَيْسَتْ يَمِينُهُ مِمَّا يَتَبَدَّأُ فِيهِ الْحِنْثُ فَتَلْزَمُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا: عَلَى وَجْهِ الْعَزْمِ عَلَى إِيجَابِ عَقْدِ الْيَمِينِ فِي حَالِ عَزْمِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ حَتَّى يَحْنَثَ فِيهِ بَعْدَ حَلِفِهِ، فَإِذَا حَنِثَ فِيهِ -[٤٢]- بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ مُؤَاخَذًا بِمَا كَانَ اكْتَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ عَلَى إِثْمٍ، وَكَذِبٍ فِي الْعَاجِلِ بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ