وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ [البقرة: ٢٤٣] وَهُمْ مُؤْتَلِفُونَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٣] قَالَ: قَرْيَةٌ كَانَتْ نَزَلَ بِهَا الطَّاعُونُ، فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَأَقَامَتْ طَائِفَةٌ. فَأَلَحَّ الطَّاعُونُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي أَقَامَتْ، وَالَّتِي خَرَجَتْ لَمْ يُصِبْهَا شَيْءٌ. ثُمَّ ارْتَفَعَ، ثُمَّ نَزَلَ الْعَامَ الْقَابِلَ، فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي خَرَجَتْ أَوَّلًا. فَاسْتَحَرَّ الطَّاعُونُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي أَقَامَتْ. فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّالِثُ نَزَلَ، فَخَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَتَرَكُوا دِيَارَهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ [البقرة: ٢٤٣] لَيْسَتِ الْفُرْقَةُ أَخْرَجَتْهُمْ كَمَا يُخْرَجُ لِلْحَرْبِ وَالْقِتَالِ. قُلُوبُهُمْ مُؤْتَلِفَةٌ، إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَارًا، فَلَمَّا كَانُوا حَيْثُ ذَهَبُوا يَبْتَغُونَ الْحَيَاةَ، قَالَ لَهُمُ اللَّهُ: مُوتُوا فِي الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ يَبْتَغُونَ فِيهِ الْحَيَاةَ، فَمَاتُوا. ثُمَّ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٣] قَالَ: وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ وَهِيَ عِظَامٌ تَلُوحُ، فَوَقَفَ يَنْظُرُ، فَقَالَ: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ﴾
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ عَمَّنْ قَالَ: كَانَ خُرُوجُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْحَسَنِ، -[٤٢١]- فِي قَوْلِهِ: " ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ [البقرة: ٢٤٣] قَالَ. خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ، فَأَمَاتَهُمْ قَبْلَ آجَالِهِمْ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِلَى آجَالِهِمْ "