بِقِتَالِهِمْ، فَيَدَعُوهُ ذَلِكَ إِلَى التَّعْرِيدِ عَنْهُمْ، وَالْفِرَارِ مِنْهُمْ، فَتَذِلُّوا، وَيَأْتِيكُمُ الْمَوْتُ الَّذِي خِفْتُمُوهُ فِي مَأْمَنِكُمُ الَّذِي وَأَلْتُمْ إِلَيْهِ، كَمَا أَتَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ، الَّذِينَ قَصَصْتُ عَلَيْكُمْ قِصَّتَهُمْ، فَلَمْ يُنْجِهِمْ فِرَارُهُمْ مِنْهُ مِنْ نُزُولِهِ بِهِمْ حِينَ جَاءَهُمْ أَمْرِي وَحَلَّ بِهِمْ قَضَائِي، وَلَا ضَرَّ الْمُتَخَلِّفِينَ وَرَاءَهُمْ مَا كَانُوا لَمْ يَحْذَرُوهُ إِذْ دَافَعْتُ عَنْهُمْ مَنَايَاهُمْ، وَصَرَفْتُهَا عَنْ حُوبَائِهِمْ، فَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالِهِ مِنْ أَعْدَائِي وَأَعْدَاءِ دِينِي، فَإِنَّ مَنْ حَيِيَ مِنْكُمْ فَأَنَا أُحْيِيهِ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ فَبِقَضَائِي كَانَ قَتْلُهُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَهُمْ: وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ رَبَّكُمْ سُمَيْعٌ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ مُنَافِقِيكُمْ لِمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ فِي سَبِيلِي: لَوْ أَطَاعُونَا فَجَلَسُوا فِي مَنَازِلِهِمْ مَا قُتِلُوا، عَلِيمٌ بِمَا تُخْفِيهِ صُدُورُهُمْ مِنَ النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ وَقِلَّةِ الشُّكْرِ لِنِعْمَتِي عَلَيْهِمْ وَآلَائِي لَدَيْهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأُمُورِ عِبَادِي. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ: فَاشْكُرُونِي أَنْتُمْ بِطَاعَتِي فِيمَا أَمَرْتُكُمْ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّكُمْ فِي سَبِيلِي، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِي وَنَهْيِي، إِذْ كَفَرَ هَؤُلَاءِ نِعَمِي، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ لِقَوْلِهِمْ وَعَلِيمٌ بِهِمْ وَبِغَيْرِهِمْ وَبِمَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مُحِيطٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ، حَتَّى أُجَازِيَ كُلًّا بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرًا وَإِنْ شَرًّا فَشَرًّا. وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٠] أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ بِالْقِتَالِ بَعْدَ مَا أَحْيَاهُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَقَاتِلُوا فِي


الصفحة التالية
Icon