الَّذِي: حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثنا حَجَّاجٌ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، وَأَبُو رَبِيعَةَ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، وَقَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَا السِّعْرُ، فَأَسْعِرْ لَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ الْبَاسِطُ الْقَابِضُ الرَّزَّاقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ لَيْسَ أَحَدٌ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي نَفْسٍ وَمَالٍ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الْغَلَاءَ، وَالرُّخْصُ، وَالسَّعَةُ، وَالضِّيقُ بِيَدِ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ [البقرة: ٢٤٥] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿يَقْبِضُ﴾ [البقرة: ٢٤٥] يَقْتُرُ بِقَبْضِهِ الرِّزْقَ عَمَّنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿وَيَبْسُطُ﴾ [البقرة: ٢٤٥] يُوَسِّعُ بِبَسْطَةِ الرِّزْقِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ. وَإِنَّمَا أَرَادَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقِيلِهِ ذَلِكَ حَثَّ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَدْ بَسَطَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلِهِ، فَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ عَلَى تَقْوِيَةِ ذَوِي الْإِقْتَارِ مِنْهُمْ بِمَالِهِ، وَمَعُونَتِهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَحُمُولَتِهِ عَلَى النُّهُوضِ لِقِتَالِ عَدُوِّهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي سَبِيلِهِ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَنْ يُقَدِّمُ لِنَفْسِهِ ذُخْرًا عِنْدِي بِإِعْطَائِهِ ضُعَفَاءَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْقِتَالِ فِي سَبِيلِي، فَأُضَاعِفُ لَهُ مِنْ ثَوَابِي أَضْعَافًا كَثِيرَةً مِمَّا أَعْطَاهُ وَقَّوَاهُ بِهِ، -[٤٣٤]- فَإِنِّي أَنَا الْمُوَسِّعُ الَّذِي قَبَضْتُ الرِّزْقَ عَمَّنْ نَدَبْتُكَ إِلَى مَعُونَتِهِ وَإِعْطَائِهِ، لِأَبْتَلِيَهُ بِالصَّبِرِ عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ بِهِ، وَالَّذِي بَسَطْتُ عَلَيْكَ لِأَمْتَحِنَكَ بِعَمَلِكَ فِيمَا بَسَطْتُ عَلَيْكَ، فَأَنْظُرَ كَيْفَ طَاعَتُكَ إِيَّايَ فِيهِ، فَأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى قَدْرِ طَاعَتِكُمَا لِي فِيمَا ابْتَلَيْتُكُمَا فِيهِ، وَامْتَحَنْتُكُمَا بِهِ مِنْ غِنًى وَفَاقَةٍ، وَسَعَةٍ وَضِيقٍ، عِنْدَ رُجُوعِكُمَا إِلَيَّ فِي آخِرَتِكُمَا وَمَصِيرِكُمَا إِلَيَّ فِي مَعَادِكُمَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ مَنْ بَلَغَنَا قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon