لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لَا ذُنُوبَ لَهَا إِذَنْ لَلَامَ ذَوُو أَحْسَابِهَا عُمَرَا وَالْمَعْنَى: لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لَهَا ذُنُوبٌ. «وَلَا» زَائِدَةٌ فَأَعْمَلَهَا وَأَنْكَرَ مَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي حَكَيْنَا عَنْهُ آخَرُونَ، وَقَالُوا: غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَجْعَلَ «أَنْ» زَائِدَةٌ فِي الْكَلَامِ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى وَبِالْكَلَامِ إِلَيْهِ الْحَاجَةٌ، قَالُوا: وَالْمَعْنَى: مَا يَمْنَعُنَا أَلَّا نُقَاتِلَ؟ فَلَا وَجْهَ لِدَعْوَى مُدَّعٍ أَنُ «أَنْ» زَائِدَةٌ، وَلَهُ مَعْنًى مَفْهُومٌ صَحِيحٌ. قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لَا ذُنُوبَ لَهَا» فَإِنَّ «لَا» غَيْرُ زَائِدَةٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّهُ جَحْدٌ، وَالْجَحْدُ إذَا جُحِدَ صَارَ إِثْبَاتًا. قَالُوا: فَقَوْلُهُ: «لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لَا ذُنُوبَ لَهَا» إِثْبَاتُ الذُّنُوبِ لَهَا، كَمَا يُقَالُ: مَا أَخُوكَ لَيْسَ يَقُومُ، بِمَعْنَى: هُوَ يَقُومُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ﴾ [البقرة: ٢٤٦] مَا لَنَا وَلَأَنْ لَا نُقَاتِلُ، ثُمَّ حَذَفَتِ الْوَاوُ فَتُرِكَتْ، كَمَا يُقَالُ فِي الْكَلَامِ: مَا لَكَ وَلَأَنْ تَذْهَبَ إِلَى فُلَانٍ؟ فَأُلْقِيَ مِنْهَا الْوَاوُ؛ لِأَنَّ «أَنْ» حَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٌ فِي الْأَسْمَاءِ، وَقَالُوا: نُجِيزُ أَنْ يُقَالَ: مَا لَكَ أَنْ تَقُومَ؟ وَلَا نُجِيزُ: مَا لَكَ الْقِيَامُ؟ لِأَنَّ الْقِيَامَ اسْمٌ صَحِيحٌ، وَ «أَنْ» اسْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَالُوا: قَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ: إِيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ، بِمَعْنَى إِيَّاكَ وَأَنْ تَتَكَلَّمَ.