قَدْ أَعْطَاكُمْ مَا سَأَلْتُمْ، وَبَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا. فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ شمويل ذَلِكَ، قَالُوا: أَنَّى يَكُونُ لِطَالُوتَ الْمُلْكُ عَلَيْنَا، وَهُوَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ بْنِ يَعْقُوبَ، وَسِبْطُ بِنْيَامِينَ سِبْطٌ لَا مُلْكَ فِيهِمْ وَلَا نُبُوَّةَ، وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ، لِأَنَّا مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ ﴿وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾ [البقرة: ٢٤٧] يَعْنِي: وَلَمْ يُؤْتَ طَالُوتُ كَثِيرًا مِنَ الْمَالِ، لِأَنَّهُ سَقَّاءٌ، وَقِيلَ كَانَ دَبَّاغًا. وَكَانَ سَبَبُ تَمْلِيكِ اللَّهِ طَالُوتَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَوْلِهِمْ مَا قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ شمويل: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾ [البقرة: ٢٤٧]
مَا: حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ، أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " لَمَّا قَالَ الْمَلَأُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِشَمْوِيلَ بْن بَالِي مَا قَالُوا لَهُ، سَأَلَ اللَّهُ نَبِيِّهِمْ شمويل أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَلِكًا، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: انْظُرِ الْقَرْنَ الَّذِي فِيهِ الدُّهْنُ فِي بَيْتِكَ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ رَجُلٌ فَنَشَّ الدُّهْنُ الَّذِي فِي الْقَرْنِ، فَهُوَ مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَادَّهِنْ رَأْسَهُ مِنْهُ، وَمَلِّكْهُ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُ بِالَّذِي جَاءَهُ. فَأَقَامَ يَنْتَظِرُ مَتَى ذَلِكَ الرَّجُلُ دَاخِلًا عَلَيْهِ. وَكَانَ طَالُوتُ رَجُلًا دَبَّاغًا يَعْمَلُ الْأَدَمَ، وَكَانَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ بْنِ يَعْقُوبَ، وَكَانَ سَبْطُ بِنْيَامِينَ سِبْطًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نُبُوَّةٌ وَلَا مُلْكٌ. فَخَرَجَ طَالُوتُ فِي طَلَبِ دَابَّةٍ لَهُ أَضَلَّتْهُ وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ، فَمَرَّا بِبَيْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ غُلَامُ طَالُوتَ لِطَالُوتَ: لَوْ دَخَلْتَ بِنَا عَلَى هَذَا النَّبِيِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أَمْرِ دَابَّتِنَا فَيُرْشِدُنَا وَيَدْعُو لَنَا فِيهَا بِخَيْرٍ؟ فَقَالَ طَالُوتُ: مَا بِمَا قُلْتَ مِنْ بَأْسٍ فَدَخَلَا عَلَيْهِ، فَبَيْنَمَا هُمَا عِنْدَهُ يَذْكُرَانِ لَهُ شَأْنَ دَابَّتِهِمَا، وَيَسْأَلَانِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا فِيهَا، إِذْ نَشَّ الدُّهْنُ الَّذِي فِي الْقَرْنِ، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخَذَهُ، ثُمَّ قَالَ لِطَالُوتَ: قَرِّبْ رَأْسَكَ فَقَرَّبَهُ، فَدَهَنَهُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أُمَلِّكَكَ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ اسْمُ طَالُوتَ -[٤٤٩]- بِالسُّرْيَانِيَّةِ: شَاؤُلَ بْنَ قَيْسِ بْنِ أَبْيَالَ بْنِ صِرَارِ بْنِ يَحْرُبَ بْنِ أَفِيَّحَ بْنِ آيِسَ بْنِ بِنْيَامِينَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَجَلَسَ عِنْدَهُ وَقَالَ النَّاسُ: مُلِّكَ طَالُوتُ. فَأَتَتْ عُظَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيَّهُمْ وَقَالُوا لَهُ: مَا شَأْنُ طَالُوتَ يُمَلَّكُ عَلَيْنَا وَلَيْسَ فِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَلَا الْمَمْلَكَةِ؟ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ النُّبُوَّةَ وَالْمُلْكَ فِي آلِ لَاوَيِّ، وَآلِ يَهُوذَا فَقَالَ لَهُمْ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ [البقرة: ٢٤٧] "