ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٨] الْآيَةَ. كَانَ مُوسَى تَرَكَهُ عِنْدَ فَتَاهُ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَهُوَ بِالْبَرِيَّةِ، وَأَقْبَلَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَتْهُ فِي دَارِ طَالُوتَ، فَأَصْبَحَ فِي دَارِهِ "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، -[٤٦٦]- فِي قَوْلِهِ: " ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ [البقرة: ٢٤٨] الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ مُوسَى فِيمَا ذُكِرَ لَنَا تَرَكَ التَّابُوتَ عِنْدَ فَتَاهُ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَهُوَ فِي الْبَرِيَّةِ، فَذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ حَمَلَتْهُ مِنَ الْبَرِيَّةِ حَتَّى وَضَعَتْهُ فِي دَارِ طَالُوتَ، فَأَصْبَحَ التَّابُوتُ فِي دَارِهِ " وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ مِنْ أَنَّ التَّابُوتَ كَانَ عِنْدَ عَدُوٍّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ سَلَبَهُمُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ مُخْبِرًا عَنْ نَبِيِّهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَوْلَهُ لِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ [البقرة: ٢٤٨] وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لَا تَدْخُلَانِ فِي مِثْلِ هَذَا مِنَ الْأَسْمَاءِ إِلَّا فِي مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْمُتَخَاطَبَيْنِ بِهِ، وَقَدْ عَرَفَهُ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبِرُ. فَقَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: أَنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ الَّذِي قَدْ عَرَفْتُمُوهُ الَّذِي كُنْتُمْ تَسْتَنْصِرُونَ بِهِ، فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ تَابُوتًا مِنَ التَّوَابِيتِ غَيْرَ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمْ قَدْرُهُ وَمَبْلَغُ نَفْعِهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَقِيلَ: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ تَابُوتٌ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ " فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَفْلَةٍ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ التَّابُوتَ وَقَدْرَ نَفْعِهِ وَمَا فِيهِ وَهُوَ عِنْدَ مُوسَى، وَيُوشَعَ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى خَطَؤُهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ مُوسَى لَاقَى عَدُوًّا قَطُّ بِالتَّابُوتِ، وَلَا فَتَاهُ يُوشَعَ، بَلِ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْ أَمْرِ مُوسَى وَأَمْرِ فِرْعَوْنَ مَا قَصَّ اللَّهُ مِنْ شَأْنِهِمَا، وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ وَأَمْرُ الْجَبَّارِينَ. وَأَمَّا فَتَاهُ يُوشَعُ، فَإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ زَعَمُوا أَنْ يُوشَعَ خَلَفَهُ فِي التِّيهِ حَتَّى رُدَّ عَلَيْهِمْ حِينَ مَلَكَ طَالُوتُ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفُوهُ، فَأَيُّ الْأَحْوَالِ لِلتَّابُوتِ الْحَالُ الَّتِي عَرَفُوهُ فِيهَا، فَجَازَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ الَّذِي قَدْ عَرَفْتُمُوهُ، وَعَرَفْتُمْ أَمْرَهُ؟ فَفِي فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ بِالَّذِي ذَكَرْنَا أَبْيَنُ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، إِذْ لَا قَوْلَ فِي -[٤٦٧]- ذَلِكَ لِأَهْلِ التَّأْوِيلِ غَيْرَهُمَا. وَكَانَتْ صِفَةُ التَّابُوتِ فِيمَا بَلَغَنَا