حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: «لَوْلَا بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيكُمْ لَهَلَكْتُمْ»
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: " ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١] يَقُولُ: لَهَلَكَ مَنْ فِي الْأَرْضِ "
حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ أَحْمَدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ عَنْ مِائَةِ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْبَلَاءَ» ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١] "
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ -[٥١٧]- اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُصْلِحُ بِصَلَاحِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَأَهْلِ دُوَيْرَتِهِ، وَدُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ، وَلَا يَزَالُونَ فِي حِفْظِ اللَّهِ مَا دَامَ فِيهِمْ» وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى قَوْلِهِ الْعَالَمِينَ، وَذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ فِيهِ وَأَمَّا الْقُرَّاءُ فَإِنَّهَا اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥١] فَقَرَأَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٥١] عَلَى وَجْهِ الْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: دَفَعَ اللَّهُ عَنْ خَلْقِهِ، فَهُوَ يَدْفَعُ دَفْعًا. وَاحْتَجَّتْ لِاخْتِيَارِهَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ، هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِالدَّفْعِ عَنْ خَلْقِهِ، وَلَا أَحَدَ يُدَافِعُهُ فَيُغَالِبُهُ. وَقَرَأَتْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ أُخْرَى مِنَ الْقُرَّاءِ: (وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ النَّاسَ) عَلَى وَجْهِ الْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: دَافَعَ اللَّهُ عَنْ خَلْقِهِ، فَهُوَ يُدَافِعُ مُدَافَعَةً وَدِفَاعًا. وَاحْتَجَّتْ لِاخْتِيَارِهَا ذَلِكَ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ خَلْقِهِ يُعَادُّونَ أَهْلَ دِينِ اللَّهِ، وَوُلَايَتَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ، فَهُوَ بِمُحَارَبَتِهِمْ إِيَّاهُمْ وَمُعَادَتِهِمْ لَهُمْ لِلَّهِ مُدَافِعُونَ بِبَاطِلِهِمْ، وَمُغَالِبُونَ بِجَهْلِهِمْ، وَاللَّهُ مُدَافِعُهُمْ عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ. وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَتْ بِهِمَا الْقُرَّاءُ وَجَاءَتْ بِهِمَا جَمَاعَةُ الْأُمَّةِ، وَلَيْسَ فِي الْقِرَاءَةِ بِأَحَدِ الْحَرْفَيْنِ إِحَالِةُ مَعْنَى الْآخَرِ. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ دَافَعَ -[٥١٨]- غَيْرَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَمُدَافِعُهُ عَنْهُ دَافِعٌ، وَمَتَى امْتَنَعَ الْمَدْفُوعُ عَنِ الِانْدِفَاعِ، فَهُوَ لِمُدَافِعِهِ مُدَافِعٌ؛ وَلَا شَكَّ أَنَّ جَالُوتَ وَجُنُودَهُ كَانُوا بِقِتَالِهِمْ طَالُوتَ وَجُنُودِهِ، مُحَاوِلِينَ مُغَالَبَةَ حِزْبِ اللَّهِ وَجُنْدِهِ، وَكَانَ فِي مُحَاوَلَتِهِمْ ذَلِكَ مُحَاوَلَةُ مُغَالَبَةِ اللَّهِ وَدِفَاعِهِ عَمَّا قَدْ تَضَمَّنَ لَهُمْ مِنَ النُّصْرَةِ، وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى مُدَافَعَةِ اللَّهِ عَنِ الَّذِينَ دَافَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِمَنْ قَاتَلَ جَالُوتَ وَجُنُودَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ. فَتَبَيَّنَ إِذَا أَنَّ سَوَاءً قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥١] وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: (وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ النَّاسِ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) فِي التَّأْوِيلِ وَالْمَعْنَى


الصفحة التالية
Icon