يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٧] أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ غَيْرُ الَّذِينَ ذَكَرَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ عُنُوا بِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِعِيسَى أَوْ غَيْرُ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَالْإِسْلَامِ؟ قِيلَ: نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يَحُولُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ، وَيُضِلُّونَهُمْ فَيَكْفُرُونَ، فَيَكُونُ تَضْلِيلُهُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى يَكْفُرُوا إِخْرَاجًا مِنْهُمْ لَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ، يَعْنِي صَدُّهُمْ إِيَّاهُمْ عَنْهُ وَحِرْمَانَهُمْ إِيَّاهُمْ خَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كَانُوا فِيهِ قَبْلُ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ: أَخْرَجَنِي وَالِدِي مِنْ مِيرَاثِهِ، إِذَا مَلَكَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ غَيْرُهُ، فَحَرَمَهُ مِنْهُ خَطِيئَةٌ، وَلَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ الْقَائِلُ هَذَا الْمِيرَاثَ قَطُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا حُرِمَهُ، وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا كَانَ يَكُونُ لَهُ لَوْ لَمْ يُحْرَمْهُ، قِيلَ: أَخْرَجَهُ مِنْهُ، وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ مِنْ كَتِيبَتِهِ، يَعْنِي لَمْ يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥٧] يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِخْرَاجُهُمْ إِيَّاهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَشْبَهَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ قَالَ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧] فَجَمَعَ خَبَرَ الطَّاغُوتِ بِقَوْلِهِ يُخْرِجُونَهُمْ، وَالطَّاغُوتُ وَاحِدٌ؟ قِيلَ: إِنَّ الطَّاغُوتَ اسْمٌ لِجِمَاعٍ وَوَاحِدٌ وَقَدْ يُجْمَعُ طَوَاغِيتَ، وَإِذَا جُعِلَ


الصفحة التالية
Icon