ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: «بَعَثَهُ اللَّهُ فَقَالَ» :﴿كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [البقرة: ٢٥٩] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا﴾ [البقرة: ٢٥٩] قَالَ: «فَنَظَرَ إِلَى حِمَارِهِ يَتَّصِلُ بَعْضٌ إِلَى بَعْضٍ، وَقَدْ كَانَ مَاتَ مَعَهُ بِالْعُرُوقِ وَالْعَصَبِ، ثُمَّ كَسَا ذَلِكَ مِنْهُ اللَّحْمَ حَتَّى اسْتَوَى ثُمَّ جَرَى فِيهِ الرُّوحُ، فَقَامَ يَنْهَقُ، وَنَظَرَ إِلَى عَصِيرِهِ وَتِينِهِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى هَيْئَتِهِ حِينَ وَضَعَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَلَمَّا عَايَنَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ مَا عَايَنَ»، قَالَ: ﴿أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٥٩]
حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: " ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَحْيَا عُزَيْرًا، فَقَالَ: كَمْ لَبِثْتَ؟ قَالَ: لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، قَالَ: بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ، فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ، وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ قَدْ هَلَكَ وَبَلِيَتْ عِظَامُهُ، وَانْظُرْ إِلَى عِظَامِهِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا، فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا، فَجَاءَتْ بِعِظَامِ الْحِمَارِ مِنْ كُلِّ سَهْلٍ وَجَبَلٍ ذَهَبَتْ بِهِ الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ، فَاجْتَمَعَتْ، فَرُكِّبَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَهُوَ يَنْظُرُ، فَصَارَ حِمَارًا مِنْ -[٦٠٨]- عِظَامٍ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَلَا دَمٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ كَسَا الْعِظَامَ لَحْمًا وَدَمًا، فَقَامَ حِمَارًا مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ وَلَيْسَ فِيهِ رَوْحٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ مَلَكٌ يَمْشِي حَتَّى أَخَذَ بِمُنْخَرِ الْحِمَارِ، فَنَفَخَ فِيهِ فَنَهَقَ الْحِمَارُ، فَقَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " فَتَأْوِيِلُ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ: وَانْظُرْ إِلَى إِحْيَائِنَا حِمَارَكَ، وَإِلَى عِظَامِهِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، فَيَكُونُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ﴾ [البقرة: ٢٥٩] مَتْرُوكٌ مِنَ الْكَلَامِ، اسْتَغْنَى بِدَلَالَةٍ ظَاهِرَةٍ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ، وَتَكُونُ الْأَلْفُ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ﴾ [البقرة: ٢٥٩] بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ الْمُرَادَةِ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: وَانْظُرْ إِلَى عِظَامِهِ: يَعْنِي إِلَى عِظَامِ الْحِمَارِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ أَنْ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فِي عَيْنِهِ، قَالُوا: وَهِيَ أَوَّلُ عُضْو مِنْ أَعْضَائِهِ نَفَخَ اللَّهُ فِيهِ الرُّوحَ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ سِوَّاهُ خَلْقًا سَوِيًّا، وَقَبْلَ أَنْ يَحْيَىَ حِمَارَهُ


الصفحة التالية
Icon