النُّصْرَةَ عَلَيْهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمْ سُنَّتَهُ فِيمَنْ كَانَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ مِنَ ابْتِغَاءِ رِضْوَانِ اللَّهِ أَنَّهُ مُؤَيِّدُهُمْ، وَفِيمَنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ أَعْدَائِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ بِأَنَّهُ خَاذِلُهُمْ وَمُفَرِّقُ جَمَعِهِمْ وَمُوهِنُ كَيْدِهِمْ، وَقْطَعًا مِنْهُ بِبَعْضِ عُذْرِ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا أَطْلَعَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ مِنْ خَفِيِّ أُمُورِهِمْ، وَمَكْتُومِ أَسْرَارِ أَوَائِلِهِمْ وَأَسْلَافِهِمِ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا سِوَاهُمْ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ مَا آتَاهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِتَخَرُّصٍ وَلَا اخْتِلَاقٍ، وَإِعْذَارًا مِنْهُ بِهِ إِلَى أَهْلِ النِّفَاقِ مِنْهُمْ، لِيَحْذَرُوا بِشَكِّهِمْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مِنْ بَأْسِهِ وَسَطْوَتِهِ مِثْلُ الَّذِي أَحَلَّهُمَا بِأَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي أَهْلَكَهَا، فَتَرَكَهَا خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، ثُمَّ عَادَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَى الْخَبَرِ عَنِ الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا، وَمَا عِنْدَهُ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى قَرْضِهِ، فَقَالَ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٦١] يَعْنِي بِذَلِكَ مَثَلَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ [البقرة: ٢٦١] مِنْ حَبَّاتِ الْحِنْطَةِ أَوِ الشَّعِيرِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ الَّتِي تُسَنْبِلُ سُنْبُلَةً بَذَرَهَا زَارِعٌ، «فَأَنْبَتَتْ»، يَعْنِي فَأَخْرَجَتْ ﴿سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾، يَقُولُ: فَكَذَلِكَ الْمُنْفِقُ مَالَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَهُ أَجْرُهُ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ نَفَقَتِهِ
كَمَا: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ «فَهَذَا -[٦٥٢]- لِمَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ سَبْعُمِائَةٍ»