حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلِ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٦٦]، الْآيَةَ، يَقُولُ: " أَصَابَهَا رِيحٌ فِيهَا سُمُومٌ شَدِيدَةٌ، كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ، فَهَذَا مَثَلٌ، فَاعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَمْثَالَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣] هَذَا رَجُلٌ كَبِرَتْ سِنُّهُ وَدَقَّ عَظْمُهُ وَكَثُرَ عِيَالُهُ، ثُمَّ احْتَرَقَتْ جَنَّتُهُ عَلَى بَقِيَّةِ ذَلِكَ كَأَحْوَجِ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ، يَقُولُ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَضِلَّ عَنْهُ عَمَلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَحْوَجِ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ؟ "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ﴾ [البقرة: ٢٦٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَاحْتَرَقَتْ﴾ [البقرة: ٢٦٦] يَقُولُ: «فَذَهَبَتْ جَنَّتُهُ كَأَحْوَجِ مَا كَانَ إِلَيْهَا حِينَ كَبِرَتْ سِنُّهُ وَضَعُفَ عَنِ الْكَسْبِ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ لَا يَنْفَعُونَهُ» قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: " فَاحْتَرَقَتْ فَذَهَبَتْ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَذْهَبَ عَمَلُهُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِ؟
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا حَسَنًا، وَكُلُّ أَمْثَالِهِ حَسَنٌ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، -[٦٨٧]- وَقَالَ: قَالَ أَيُّوبُ ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلِ﴾ [البقرة: ٢٦٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: ٢٦٦] يَقُولُ: صَنَعَهُ فِي شَبِيبَتِهِ فَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ عِنْدَ آخِرِ عُمْرِهِ، فَجَاءَهُ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ، فَأَحْرَقَ بُسْتَانَهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قُوَّةٌ أَنْ يَغْرِسَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ نَسْلِهِ خَيْرٌ يَعُودُونَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا رُدَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ خَيْرٌ فَيُسْتَعْتَبَ كَمَا لَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ فَيَغْرِسُ مِثْلَ بُسْتَانِهِ، وَلَا يَجِدُ خَيْرًا قَدَّمَ لِنَفْسِهِ يَعُودُ عَلَيْهِ، كَمَا لَمْ يُغْنِ عَنْ هَذَا وَلَدُهُ وَحُرِمَ أَجْرَهُ عِنْدَ أَفْقَرِ مَا كَانَ إِلَيْهِ كَمَا حُرِمَ هَذَا جَنَّتَهُ عِنْدَ أَفْقَرِ مَا كَانَ إِلَيْهَا عِنْدَ كِبَرِهِ وَضَعْفِ ذُرِّيَّتِهِ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فِيمَا أُوتِيَا فِي الدُّنْيَا، كَيْفَ نَجَّى الْمُؤْمِنَ فِي الْآخِرَةِ، وَذَخَرَ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ، وَخَزَنَ عَنْهُ الْمَالَ فِي الدُّنْيَا، وَبَسَطَ لِلْكَافِرِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمَالِ مَا هُوَ مُنْقَطِعٌ، وَخَزَنَ لَهُ مِنَ الشَّرِّ مَا لَيْسَ بِمُفَارِقِهِ أَبَدًا وَيَخْلُدُ فِيهَا مُهَانًا، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ فَخَرَ عَلَى صَاحِبِهِ وَوَثِقَ بِمَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ "