ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَنَا مِمَّنْ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ»
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ»
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٧] «يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ»
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ: " ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ﴾ [آل عمران: ٧] الَّذِي أَرَادَ مَا أَرَادَ ﴿إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ﴾ [آل عمران: ٧] فِي الْعِلْمِ -[٢٢١]- يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، فَكَيْفَ يَخْتَلِفُ وَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ مِنْ رَبٍّ وَاحِدٍ؟ ثُمَّ رَدُّوا تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهَةِ عَلَى مَا عَرَفُوا مِنْ تَأْوِيلِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لِأَحَدٍ فِيهَا إِلَّا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ، فَاتَّسَقَ بِقَوْلِهِمُ الْكِتَابُ، وَصَدَّقَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَنَفَذَتْ بِهِ الْحُجَّةُ، وَظَهَرَ بِهِ الْعُذْرُ، وَزَاحَ بِهِ الْبَاطِلُ، وَدُمِغَ بِهِ الْكُفْرُ " فَمَنْ قَالَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِإِيمَانِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ بِالِابْتِدَاءِ فِي قَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ، وَيَجْعَلُ خَبَرَهُ، يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ. وَأَمَّا فِي قَوْلِ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ فَبِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرِهِمْ فِي «يَقُولُونَ»، وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ بِجُمْلَةِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ، وَهِيَ وَيَقُولُونَ، وَمَنْ قَالَ الْقَوْلَ الثَّانِي، وَزَعَمَ أَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ عَطَفَ بِالرَّاسِخِينَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ فَرَفَعَهُمْ بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ. وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ مَرْفُوعُونَ بِجُمْلَةِ خَبَرِهِمْ بَعْدَهُمْ وَهُوَ ﴿يَقُولُونَ﴾ [آل عمران: ٧]، لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ فِيمَا بَلَغَنِي مَعَ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ؛ وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ -[٢٢٢]- تَأْوِيلَهُ إِلَّا عِنْدَ اللَّهِ ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ﴾ [آل عمران: ٧] وَأَمَّا مَعْنَى التَّأْوِيلِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَإِنَّهُ التَّفْسِيرُ وَالْمَرْجِعُ وَالْمَصِيرُ، وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُ الرُّوَاةِ بَيْتَ الْأَعْشَى:
[البحر الطويل]
عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّهَا | تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فَأَصْحَبَا |
وَأَصْلُهُ مِنْ آلَ الشَّيْءُ إِلَى كَذَا، إِذَا صَارَ إِلَيْهِ وَرَجَعَ يَؤُولُ أَوْلًا وَأَوَّلْتُهُ أَنَا: صَيَّرْتُهُ إِلَيْهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ:
﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] أَيْ جَزَاءً، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ هُوَ الَّذِي آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْقَوْمِ وَصَارَ إِلَيْهِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: وَتَأَوَّلَ حُبِّهَا " تَفْسِيرُ حُبِّهَا وَمَرْجِعُهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ حُبَّهَا كَانَ صَغِيرًا فِي قَلْبِهِ، فآلَ مِنَ الصِّغَرِ إِلَى الْعِظَمِ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْبُتُ حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ قَدِيمًا كَالسَّقَبِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يَشُبُّ حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ كَبِيرًا مِثْلَ أُمِّهِ، وَقَدْ يُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ:
-[٢٢٣]- عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَوَابِعُ حُبِّهَا | تَوَالِيَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فَأَصْحَبَا |
الصفحة التالية