حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٣] قَالَ: «ذَلِكَ يَوْمُ بَدْرٍ الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ» وَرُفِعَتْ ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٣] وَقَدْ قِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي فِئَتَيْنِ، بِمَعْنَى: إِحْدَاهُمَا تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
فَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلٌ صَحِيحَةٌ | وَرِجْلٌ رَمَى فِيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتْ |
وَكَمَا قَالَ ابْنُ مُفْرِغٍ:
[البحر الطويل]
فَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلٌ صَحِيحَةٌ | وَرِجْلٌ بِهَا رَيْبٌ مِنَ الْحَدَثَانِ |
فَأَمَّا الَّتِي صَحَّتْ فَأَزْدُ شَنُوءَةٍ | وَأَمَّا الَّتِي شَلَّتْ فَأَزْدُ عُمَانَ |
وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ مُكَرَّرٍ عَلَى نَظِيرٍ لَهُ قَدْ تَقَدَّمَهُ إِذَا كَانَ مَعَ الْمُكَرَّرِ -[٢٤٤]- خَبَرٌ تَرُدُّهُ عَلَى إِعْرَابِ الْأَوَّلِ مَرَّةً وَتَسْتَأْنِفُهُ ثَانِيَةً بِالرَّفْعِ، وَتَنْصِبُهُ فِي التَّامِّ مِنَ الْفِعْلِ وَالنَّاقِصِ، وَقَدْ جُرَّ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَخُفِضَ عَلَى الرَّدِّ عَلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ، كَأَنَّهُ يَعْنِي إِذَا خُفِضَ ذَلِكَ فَكُنْتَ كَذِي رِجْلَيْنِ كَذِي رِجْلٍ صَحِيحَةٍ وَرِجْلٍ سَقِيمَةٍ. وَكَذَلِكَ الْخَفْضُ فِي قَوْلِهِ:
﴿فِئَةٌ﴾ [آل عمران: ١٣]، جَائِزٌ عَلَى الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ:
﴿فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾ [آل عمران: ١٣]، فِي فِئَةٍ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَلَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ:
﴿فِئَةٌ﴾ [آل عمران: ١٣] جَاءَ نَصَبًا كَانَ جَائِزًا أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ:
﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾ [آل عمران: ١٣] مُخْتَلِفَتَيْنِ