وَقَدْ قَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْيَاءِ، بِمَعْنَى: «فَنَادَاهُ جِبْرِيلُ» فَذَكَرُوهُ لِلتَأْوِيلِ، كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا أَنَّهُمْ يُؤَنِّثُونَ فِعْلَ الذَّكَرِ لِلَفْظٍ، فَكَذَلِكَ يُذَكِّرُونَ فَعْلَ الْمُؤَنَّثِ أَيْضًا لِلَفْظٍ. وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ فِيمَا أَرَى بِقِرَاءَةٍ يُذْكَرُ أَنَّهَا قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
وَهُوَ مَا: حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ أَنَّ قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ: «فَنَادَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ» وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران: ٣٩] جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: " ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران: ٣٩] وَهُوَ جِبْرِيلُ أَوْ: قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَهُوَ جِبْرِيلُ ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ [آل عمران: ٣٩] " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ جَازَ أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران: ٣٩] وَالْمَلَائِكَةُ جَمْعٌ لَا وَاحِدٌ؟ قِيلَ: ذَلِكَ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِأَنْ تُخْبِرَ عَنِ الْوَاحِدِ بِمَذْهَبِ الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ فِي الْكَلَامِ: خَرَجَ فُلَانٌ عَلَى بِغَالِ الْبَرْدِ، وَإِنَّمَا رَكِبَ بَغْلًا وَاحِدًا، وَرَكِبَ


الصفحة التالية
Icon