فَامْلَأْ قُدُورَكَ وَخَوَابِيكَ مَاءً ثُمَّ أَعْلِمْنِي، قَالَ: فَلَمَّا مَلَأَهُنَّ أَعْلَمَهُ، فَدَعَا اللَّهَ، فَتَحَوَّلَ مَا فِي الْقُدُورِ لَحْمًا وَمَرَقًا وَخُبْزًا، وَمَا فِي الْخَوَابِي خَمْرًا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ قَطُّ وَإِيَّاهُ طَعَامًا؛ فَلَمَّا جَاءَ الْمَلِكُ أَكَلَ، فَلَمَّا شَرِبَ الْخَمْرَ سَأَلَ مِنْ أَيْنَ هَذِهِ الْخَمْرُ؟ قَالَ لَهُ: هِيَ مِنْ أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ الْمَلِكُ: فَإِنَّ خَمْرِي أُوتِيَ بِهَا مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ هِيَ مِثْلُ هَذِهِ، قَالَ: هِيَ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى؛ فَلَمَّا خَلَطَ عَلَى الْمَلِكِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَنَا أُخْبِرُكَ عِنْدِي غُلَامٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَإِنَّهُ دَعَا اللَّهَ، فَجَعَلَ الْمَاءَ خَمْرًا، قَالَ الْمَلِكُ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ، فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، وَكَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا دَعَا اللَّهَ حَتَّى جَعَلَ الْمَاءَ خَمْرًا، لَيُسْتَجَابَنَّ لَهُ حَتَّى يُحْيِيَ ابْنِي، فَدَعَا عِيسَى فَكَلَّمَهُ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فَيُحْيِيَ ابْنَهُ، فَقَالَ عِيسَى: لَا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّهُ إِنْ عَاشَ كَانَ شَرًّا، فَقَالَ الْمَلِكُ: لَا أُبَالِي، أَلَيْسَ أَرَاهُ؟، فَلَا أُبَالِي مَا كَانَ فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَإِنْ أَحْيَيْتُهُ تَتْرُكُونِي أَنَا وَأُمِّي نَذْهَبُ أَيْنَمَا شِئْنَا؟، قَالَ الْمَلِكُ: نَعَمْ، فَدَعَا اللَّهَ، فَعَاشَ الْغُلَامُ؛ فَلَمَّا رَآهُ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ قَدْ عَاشَ تَنَادَوْا بِالسِّلَاحِ، وَقَالُوا: أَكَلَنَا هَذَا حَتَّى إِذَا دَنَا مَوْتُهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ ابْنَهُ فَيَأْكُلَنَا كَمَا أَكَلَنَا أَبُوهُ، فَاقْتَتَلُوا، وَذَهَبَ عِيسَى وَأُمُّهُ، وَصَحِبَهُمَا يَهُودِيُّ، وَكَانَ مَعَ الْيَهُودِيِّ رَغِيفَانِ، وَمَعَ عِيسَى رَغِيفٌ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: شَارِكْنِي، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: نَعَمْ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ


الصفحة التالية
Icon