وَالْمَسْكَنَةِ؛ وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ، فَبِنَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا. ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران: ٢٢] يَقُولُ: وَمَا لَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَانِعٌ، وَلَا عَنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ لَهُمْ دَافِعٌ بِقُوَّةٍ وَلَا شَفَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْعَزِيزُ ذُو الِانْتِقَامِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [آل عمران: ٥٧] فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ يَا عِيسَى، يَقُولُ: صَدَّقُوكَ فَأَقَرُّوا بِنُبُوَّتِكَ، وَبِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ مِنْ عِنْدِي، وَدَانُوا بِالْإِسْلَامِ الَّذِي بَعَثْتُكَ بِهِ، وَعَمِلُوا بِمَا فَرَضْتُ مِنْ فَرَائِضِي عَلَى لِسَانِكَ، وَشَرَّعْتُ مِنْ شَرَائِعِي، وَسَنَنْتُ مِنْ سُنَنِي
كَمَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [آل عمران: ٥٧] يَقُولُ: أَدَّوْا فَرَائِضِي، ﴿فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ [آل عمران: ٥٧]، يَقُولُ: «فَيُعْطِيهِمْ جَزَاءَ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ كَامِلًا لَا يُبْخَسُونَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يُنْقِصُونَهُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ٥٧] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ مَنْ ظَلَمَ غَيْرَهُ حَقًّا لَهُ، أَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَنَفَى جَلَّ ثناؤُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَنْ يَظْلِمَ عِبَادَهُ، فَيُجَازِي الْمُسِيءَ مِمَّنْ كَفَرَ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ، أَوْ يُجَازِي الْمُحْسِنَ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَ أَمْرَهُ وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ فَأَطَاعَهُ جَزَاءَ الْمُسِيئِينَ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أُحِبُّ الظَّالِمِينَ، فَكَيْفَ أَظْلِمُ خَلْقِي؟. وَهَذَا الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْخَبَرِ، كَأَنَّهُ وَعِيدٌ مِنْهُ


الصفحة التالية
Icon