يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ تَبْغُونَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، فَإِنِ ابْتَغَوْا غَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْ لَهُمْ: آمَنَّا بِاللَّهِ، فَتَرَكَ ذِكْرَ قَوْلِهِ: " فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ "، وَذَكَرَ قَوْلَهُ: «فَإِنِ ابْتَغَوْا غَيْرَ دِينِ اللَّهِ» لِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: ٨٤] يَعْنِي بِهِ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: صَدَّقْنَا بِاللَّهِ أَنَّهُ رَبُّنَا وَإِلَهُنَا، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا نَعْبُدُ أَحَدًا سِوَاهُ؛ ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ [آل عمران: ٨٤] يَقُولُ: وَقُلْ: وَصَدَّقْنَا أَيْضًا بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مِنْ وَحْيِهِ وَتَنْزِيلِهِ، فَأَقْرَرْنَا بِهِ ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [آل عمران: ٨٤] يَقُولُ: وَصَدَّقْنَا أَيْضًا بِمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ وَعَلَى ابْنَيْهِ ﴿إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ وَابْنِ ابْنِهِ ﴿وَيَعْقُوبَ﴾ [البقرة: ١٣٢] وَبِمَا أُنْزِلَ عَلَى الْأَسْبَاطِ، وَهُمْ وَلَدُ يَعْقُوبَ الِاثْنَا عَشَرَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَسْمَاءَهُمْ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾ [البقرة: ١٣٦] يَقُولُ: وَصَدَّقْنَا أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى وَعِيسَى مِنَ الْكُتُبِ وَالْوَحْيِ، وَبِمَا أَنْزَلَ عَلَى النَّبِيِّينَ مِنْ عِنْدِهِ، وَالَّذِي آتَى اللَّهُ مُوسَى وَعِيسَى، مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا بِتَصْدِيقِهِمَا فِيهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ التَّوْرَاةِ الَّتِي آتَاهَا مُوسَى، وَالْإِنْجِيلِ الَّذِي أَتَاهُ عِيسَى. ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٣٦] يَقُولُ: لَا نُصَدِّقُ بَعْضَهُمْ وَنُكَذِّبُ بَعْضَهُمْ، وَلَا نُؤْمِنُ بِبَعْضِهِمْ وَنَكْفُرُ بِبَعْضِهِمْ، كَمَا كَفَرَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِبَعْضِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ،