ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [آل عمران: ٩٣] " فَإِنَّهُ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُرُوقَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا، فَكَانَ لَا يَنَامُ اللَّيْلَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ عَافَانِي اللَّهُ مِنْهُ لَا يَأْكُلُهُ لِي وَلَدٌ، وَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ وَسَأَلَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَالَ «مَا شَأْنُ هَذَا حَرَامًا؟» فَقَالُوا: هُوَ حَرَامٌ عَلَيْنَا مِنْ قِبَلِ الْكِتَابِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [آل عمران: ٩٣] إِلَى ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٣]
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخَذَهُ يَعْنِي إِسْرَائِيلَ عِرْقُ النَّسَا، فَكَانَ لَا يَثْبُتُ بِاللَّيْلِ مِنْ شِدَّةِ -[٥٨١]- الْوَجَعِ، وَكَانَ لَا يُؤْذِيهِ بِالنَّهَارِ، فَحَلَفَ لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ لَا يَأْكُلُ عِرْقًا أَبَدًا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، فَقَالَ الْيَهُودُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ بِتَحْرِيمِ الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ٩٣] وَكَذَبُوا، لَيْسَ فِي التَّوْرَاةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمِ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ بِتَحْرِيمِ أَبِيهِمْ إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَرِّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي تَنْزِيلٍ وَلَا بِوَحْي قَبْلَ التَّوْرَاةِ، حَتَّى نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ، فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيهَا مَا شَاءَ، وَأَحَلَّ لَهُمْ فِيهَا مَا أَحَبَّ. وَهَذَا قَوْلٌ قَالَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ