حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ) قَالَ: «أَثَرُ قَدَمَيْهِ فِي الْمَقَامِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْآيَاتُ الْبَيِّنَاتُ مِنْهُنَّ مَقَامُ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ الَّذِي رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْهُمَا، فَيَكُونُ الْكَلَامُ مُرَادًا فِيهِنَّ «مِنْهُنَّ»، فَتَرَكَ ذِكْرَهُ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَذَا الْمَقَامُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، فَمَا سَائِرُ الْآيَاتِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا قِيلَ: ﴿آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾ [البقرة: ٩٩] ؟ قِيلَ: مِنْهُنَّ: الْمَقَامُ، وَمِنْهُنَّ الْحَجَرُ، وَمِنْهُنَّ الْحَطِيمُ، وَأَصَحُّ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾ [آل عمران: ٩٧] عَلَى الْجِمَاعِ، لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ دُونَ غَيْرِهَا. وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ: ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ [البقرة: ١٢٥] فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَبَيَّنْا أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِيهِ هُنَالِكَ وَأَنَّهُ عِنْدَنَا: الْمَقَامُ الْمَعْرُوفُ بِهِ. -[٦٠١]- فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، لَلَّذِي بِبَكَّةَ، فِيهِ عَلَامَاتٌ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ وَآثَارِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ مِنْهُنَّ أَثَرُ قَدَمِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجَرِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ