طَرِيقًا إِلَى الْحَجِّ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْهُ مِنْ زَمَانِهِ، أَوْ عَجْزٍ، أَوْ عَدُوٍّ، أَوْ قِلَّةِ مَاءٍ فِي طَرِيقِهِ، أَوْ زَادٍ، وَضَعْفٍ عَنِ الْمَشْي، فَعَلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا أَدَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا سَبِيلًا، أَعْنِي بِذَلِكَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطِيقًا الْحَجَّ بِتَعَذُّرِ بَعْضِ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي وَصَفْنَاهَا عَلَيْهِ، فَهُوَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ إِلَيْهِ طَرِيقًا، وَلَا يَسْتَطِيعُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ إِلَى ذَلِكَ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ بِبَعْضِ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ غَيْرُ مُطِيقٍ وَلَا مُسْتَطِيعٍ إِلَيْهِ السَّبِيلَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: هَذِهِ الْمَقَالَةُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا خَالَفَهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُخَصِّصْ إِذْ أَلْزَمَ النَّاسَ فَرْضَ الْحَجِّ بَعْضَ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ إِلَيْهِ بِسُقُوطِ فَرْضِ ذَلِكَ عَنْهُ فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ مُسْتَطِيعٍ إِلَيْهِ سَبِيلًا بِعُمُومِ الْآيَةِ، فَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ، فَإِنَّهَا أَخْبَارٌ فِي أَسَانِيدِهَا نَظَرٌ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهَا فِي الدِّينِ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ الْحَجِّ، فَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ بِالْكَسْرِ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧]، وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ أُخَرُ مِنْهُمْ بِالْفَتْحِ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ) وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ لِلْعَرَبِ، فَالْكَسْرُ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ، وَالْفَتْحُ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ، وَلَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ادَّعَى فَرْقًا بَيْنَهُمَا فِي مَعْنَى وَلَا غَيْرِهِ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ اللُّغَتَيْنِ
إِلَّا مَا: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ


الصفحة التالية
Icon