حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ١٠٠] قَالَ: " كَانَ جِمَاعُ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ بَطْنَيْنِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَرْبٌ وَدِمَاءٌ وَشَنَآنُ، حَتَّى مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْلَامِ وَبِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطْفَأَ اللَّهُ الْحَرْبَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ، وَأَلَّفَ بَيْنَهُمْ بِالْإِسْلَامِ قَالَ: فَبَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الْأَوْسِ وَرَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ قَاعِدَانِ يَتَحَدَّثَانِ، وَمَعَهُمَا يَهُودِيُّ جَالِسٌ، فَلَمْ يَزَلْ يُذَكِّرُهُمَا أَيَّامَهُمَا وَالْعَدَاوَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ، حَتَّى اسْتَبَّا، ثُمَّ اقْتَتَلَا، قَالَ: فَنَادَى هَذَا قَوْمَهُ، وَهَذَا قَوْمَهُ، فَخَرَجُوا بِالسِّلَاحِ، وَصُفَّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَزَلْ يَمْشِي بَيْنَهُمْ إِلَى هَؤُلَاءِ وَإِلَى هَؤُلَاءِ لِيُسَكِّنَهُمْ، حَتَّى رَجَعُوا وَوَضَعُوا السِّلَاحَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقُرْآنَ فِي ذَلِكَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ١٠٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٠٥] " فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إِنْ تُطِيعُوا جَمَاعَةً مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْكِتَابَ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، فَتَقْبَلُوا -[٦٣٣]- مِنْهُمْ مَا يَأْمُرُونَكُمْ بِهِ، يُضِلُّوكُمْ فَيَرُدُّوكُمْ بَعْدَ تَصْدِيقِكُمْ رَسُولَ رَبِّكُمْ وَبَعْدَ إِقْرَارِكُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ كَافِرِينَ؛ يَقُولُ: جَاحِدِينَ لِمَا قَدْ آمَنْتُمْ بِهِ وَصَدَّقْتُمُوهُ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي جَاءَكُمْ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ، فَنَهَاهُمْ جَلَّ ثناؤُهُ أَنْ يُنْتَصِحُوهُمْ، وَيَقْبَلُوا مِنْهُمْ رَأَيَا أَوْ مَشُورَةً، وَيُعَلِّمُهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُمْ لَهُمْ مُنْطَوُونَ عَلَى غِلٍّ وَغِشٍّ وَحَسَدٍ وَبُغْضٍ


الصفحة التالية
Icon