وَقَالَ: أَرَادَ: أَقْبَلَتْ بِحَبْلَيْهَا، وَبِقَوْلِ الْآخَرِ:
[البحر الوافر]

حَنَتْنِي حَانِيَاتُ الدَّهْرِ حَتَّى كَأَنِّي خَاتِلٌ أَحْنُو لِصَيْدِ
فَأَوْجَبَ إِعْمَالَ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَإِظْهَارَ صِلَتِهِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَذَلِكَ فِي مَذَاهِبِ الْعَرَبِيَّةِ ضَعِيفٌ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ بَعِيدٌ، وَأَمَّا مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ لِقَوْلِهِ مِنَ الْأَبْيَاتِ، فَغَيْرُ دَالٍ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ: «رَأَتْنِي بِحَبْلَيْهَا» دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ فِي أَنَّهَا رَأَتْهُ بِالْحَبَلِ مُمْسِكًا، فَفِي إِخْبَارِهِ عَنْهَا أَنَّهَا رَأَتْهُ بِحَبْلَيْهَا إِخْبَارٌ مِنْهُ أَنَّهَا رَأَتْهُ مُمْسِكًا بِالْحَبْلَيْنِ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْرِ الْإِمْسَاكِ، وَكَانَتِ الْبَاءُ صِلَةً لِقَوْلِهِ: «رَأَتْنِي»، كَمَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: أَنَا بِاللَّهِ مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ، وَمَعْرِفَةُ السَّامِعِ مَعْنَاهُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُحْتَاجَةً إِلَى كَلَامٍ يَكُونُ لَهَا جَالِبًا غَيْرَ الَّذِي ظَهَرَ، وَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَا بِاللَّهِ مُسْتَعِينٌ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٢] اسْتِثْنَاءٌ


الصفحة التالية