ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهَا نَزَلَتْ: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٣] «فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، بِأَنَّهُمْ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ، وَهِيَ آنَاؤُهُ، وَقَدْ يَكُونُ تَالِيهَا فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ تَالِيًا لَهَا آنَاءَ اللَّيْلِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَلَاهَا فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَمَنْ تَلَاهَا جَوْفَ اللَّيْلِ، فَكُلُّ تَالٍ لَهُ سَاعَاتَ اللَّيْلِ غَيْرَ أَنَّ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا يُصَلِّيَهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَوَصَفَ اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَهَا دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٣] فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى -[٦٩٩]- السُّجُودِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اسْمُ الصَّلَاةِ لَا السُّجُودُ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَكُونُ فِي السُّجُودِ وَلَا فِي الرُّكُوعِ، فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُ: يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ، يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَسْجُدُونَ فِيهَا، فَالسُّجُودُ هُوَ السُّجُودُ الْمَعْرُوفُ فِي الصَّلَاةِ