ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ ذَلِكَ، وَمَنْ قَائِلُهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: مَرَّ بِهِ، يَعْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْبَدٌ الْخُزَاعِيُّ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ عَيْبَةَ نُصْحٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِهَامَةَ صِفْقَتُهُمْ مَعَهُ، لَا يُخْفُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا كَانَ بِهَا، وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ، وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ كَانَ أَعْفَاكَ فِيهِمْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ، قَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَقَالُوا: أَصَبْنَا فِي أُحُدٍ أَصْحَابَهُ وَقَادَتَهُمْ وَأَشْرَافَهُمْ، ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ لَنَكُرَّنَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلَنَفْرَغَنَّ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا، قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا مَعْبَدُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي أَصْحَابِهِ يَطْلُبُكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، فَهُمْ مِنَ الْحَنَقِ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ. قَالَ: وَيْلَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ تَرْتَحِلُ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْتُ عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ، قَالَ: وَمَا قُلْتَ؟ قَالَ، قُلْتُ -[٢٤٧]-،
[البحر البسيط]
كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي | إِذْ سَالَتِ الْأَرْضُ بِالْجُرْدِ الْأَبَابِيلِ |
تَرْدِي بِأُسْدٍ كِرَامٍ لَا تَنَابِلَةٍ | عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا مِيلٍ مَعَازِيلِ |
فَظَلْتُ عَدْوًا أَظُنُّ الْأَرْضَ مَائِلَةً | لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ |
فَقُلْتُ وَيْلُ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمُ | إِذَا تَغَطْمَطَتِ الْبَطْحَاءُ بِالْجِيلِ |
إِنِّي نَذِيرٌ لِأَهْلِ الْبُسْلِ ضَاحِيَةً | لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ |
مِنْ جَيْشِ أَحْمَدَ لَا وَخْشٍ تَنَابِلَةٍ | وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا أَنْذَرْتُ بِالْقِيلِ |