قَالَ ابْنُ يَحْيَى، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «هِيَ كَلِمَةُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» فَقَالَ: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الَّذِي قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، كَانَ فِي حَالِ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مَعَهُ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ مُنْصَرَفَهُمْ عَنْ أُحُدٍ إِلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا مَدَحَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِقِيلِهِمْ: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] لَمَّا قِيلَ لَهُمْ: " إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، بَعْدَ الَّذِي قَدْ كَانَ نَالَهُمْ مِنَ الْقُرُوحِ وَالْكُلُومِ، بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ [آل عمران: ١٧٢] وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصُّفَّةُ إِلَّا صِفَةَ مَنْ تَبِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَرْحَى أَصْحَابِهِ بِأُحُدٍ إِلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ. وَأَمَّا قَوْلُ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ إِلَى غَزْوَةِ بَدْرٍ الصُّغْرَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ جَرِيحٌ، إِلَّا جَرِيحٌ قَدْ تَقَادَمَ انْدِمَالُ جُرْحِهِ، وَبَرَأَ كَلْمُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ الْخَرْجَةَ الثَّانِيَةَ إِلَيْهَا لِمَوْعِدِ أَبِي سُفْيَانَ الَّذِي كَانَ وَاعَدَهُ اللِّقَاءَ بِهَا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ وَقْعَةَ أُحُدٍ كَانَتْ فِي النِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ، وَخُرُوجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَزْوَةِ بَدْرٍ الصُّغْرَى إِلَيْهَا فِي شَعْبَانِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ذَلِكَ وَقْعَةٌ مَعَ الْمُشْرِكِينَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِيهَا حَرْبٌ جُرِحَ فِيهَا -[٢٥٣]- أَصْحَابُهُ، وَلَكِنْ قَدْ كَانَ قُتِلَ فِي وَقْعَةِ الرَّجِيعِ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ غَزْوَةَ بَدْرٍ الصُّغْرَى، وَكَانَتْ وَقْعَةُ الرَّجِيعِ فِيمَا بَيْنَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَغَزْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرٍ الصُّغْرَى