حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عَتَّابِ بْنِ بَشِيرٍ، مَوْلَى قُرَيْشٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] قَالَ: «يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُعَظِّمُ أَمْرَ الْمُشْرِكِينَ أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ فَتَخَافُونَهُ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «ذَكَرَ أَمْرَ الْمُشْرِكِينَ وَعِظَمَهُمْ فِي أَعْيُنِ الْمُنَافِقِينَ» فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] «يُعَظِّمُ أَوْلِيَاءَهُ فِي صُدُورِكُمْ فَتَخَافُونَهُمْ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] وَهَلْ يُخَوِّفُ الشَّيْطَانُ أَوْلِيَاءَهُ؟ قِيلَ: إِنْ كَانَ مَعْنَاهُ يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ، قِيلَ ذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا﴾ [الكهف: ٢]، بِمَعْنَى: لِيُنْذِرَكُمْ بَأْسَهُ الشَّدِيدَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَأْسَ لَا يَنْذِرُ، وَإِنَّمَا يُنْذَرُ بِهِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: مَعْنَى ذَلِكَ: يُخَوِّفُ النَّاسَ -[٢٥٧]- أَوْلِيَاءَهُ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: هُوَ يُعْطِي الدَّرَاهِمَ، وَيَكْسُو الثِّيَابَ، بِمَعْنَى: هُوَ يُعْطِي النَّاسَ الدَّرَاهِمَ، وَيَكْسُوهُمُ الثِّيَابَ، فَحُذِفَ ذَلِكَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَلَيْسَ الَّذِي شَبَّهَ ذَلِكَ بِمُشَبَّهٍ، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: هُوَ يُعْطِي الدَّرَاهِمَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْطَى هِيَ الدَّرَاهِمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَوْلِيَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] مُخَوَّفِينَ، بَلِ التَّخْوِيفُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ لِغَيْرِهِمْ، فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا


الصفحة التالية
Icon