: (سَيُكْتَبُ مَا قَالُوا وَقَتْلُهُمُ الْأَنْبِيَاءَ) عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَنْ يَقْرَأَ: «وَيُقَالُ»، لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَنَقُولُ﴾ [آل عمران: ١٨١] عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿سَنَكْتُبُ﴾ [آل عمران: ١٨١]. فَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى بِأَنْ يَقْرَأَ جَمِيعًا عَلَى مَذْهَبِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ مَا يُسَمَّى فَاعِلُهُ، فَأَمَّا أَنْ يَقْرَأَ أَحَدَهُمَا عَلَى مَذْهَبِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالْآخَرَ عَلَى وَجْهِ مَا قَدْ سُمِّيَ فَاعِلُهُ مِنْ غَيْرِ مَعْنًى أَلْجَأَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَاخْتِيَارٌ خَارِجٌ عَنِ الْفَصِيحِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: ﴿سَنَكْتُبُ﴾ [آل عمران: ١٨١] بِالنُّونِ ﴿وَقَتْلَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨١] بِالنَّصْبِ لِقَوْلِهِ: ﴿وَنَقُولُ﴾ [آل عمران: ١٨١]، وَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي (سَيُكْتَبُ) بِالْيَاءِ وَضَمِّهَا، لَقِيلَ: «وَيُقَالُ»، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ قِيلَ: ﴿وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران: ١٨١] وَقَدْ ذَكَرَتِ الْآثَارُ الَّتِي رُوِيَتْ أَنَّ الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٨١] بَعْضُ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أُولَئِكَ أَحَدٌ قَتَلَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَيَقْتُلُوهُ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ كَانُوا رَاضِينَ بِمَا فَعَلَ أَوَائِلُهُمْ مِنْ قَتْلِ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَكَانُوا مِنْهُمْ وَعَلَى مِنْهَاجِهِمْ، مِنَ اسْتِحْلَالِ ذَلِكَ وَاسْتِجَازَتِهِ،


الصفحة التالية
Icon