حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ تُذْكَرُ الرِّجَالُ فِي الْهِجْرَةِ وَلَا نُذْكَرُ؟ فَنَزَلَتْ» :﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ [آل عمران: ١٩٥] الْآيَةَ "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَسْمَعُ اللَّهَ يَذْكُرُ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرِ أَوْ أُنْثَى﴾ [آل عمران: ١٩٥]
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَسْمَعُ اللَّهَ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرِ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: ١٩٥] وَقِيلَ: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ، بِمَعْنَى: فَأَجَابَهُمْ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]

وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَى فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
-[٣٢١]- بِمَعْنَى: فَلَمْ يُجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبٌ. وَأُدْخِلَتْ ﴿مِنْ﴾ [آل عمران: ١٩٥] فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ [آل عمران: ١٩٥] عَلَى التَّرْجَمَةِ وَالتَّفْسِيرِ عَنْ قَوْلِهِ ﴿مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٦٥]، بِمَعْنَى: لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَيْسَتْ «مِنْ» هَذِهِ بِالَّتِي يَجُوزُ إِسْقَاطُهَا وَحَذْفُهَا مِنَ الْكَلَامِ فِي الْجَحْدِ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ بِمَعْنًى لَا يَصْلُحُ الْكَلَامُ إِلَّا بِهِ. وَزَعَمَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، كَمَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِمْ: «قَدْ كَانَ مِنْ حَدِيثٍ» قَالَ: «وَمِنْ» هَاهُنَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ قَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: لَا أُضِيعُ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ وَقَالَ: لَا تَدْخُلُ «مِنْ» وَتَخْرُجُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْجَحْدِ؛ وَقَالَ: قَوْلُهُ: ﴿لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٩٥] لَمْ يُدْرِكْهُ الْجَحْدُ؛ لِأَنَّكَ لَا تَقُولُ: لَا أَضْرِبُ غُلَامَ رَجُلٍ فِي الدَّارِ وَلَا فِي الْبَيْتِ فَيَدْخُلُ، وَلَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ الْجَحْدُ، وَلَكِنْ «مِنْ» مُفَسِّرَةٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: ١٩٥] فَإِنَّهُ يَعْنِي: بَعْضُكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ، مِنْ بَعْضٍ، فِي النُّصْرَةِ وَالْمَسْأَلَةِ وَالدِّينِ، وَحُكْمُ جَمِيعِكُمْ فِيمَا أَنَا بِكُمْ فَاعِلٌ عَلَى حُكْمِ أَحَدِكُمْ فِي أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ ذَكَرٍ مِنْكُمْ وَلَا أُنْثَى


الصفحة التالية
Icon