: (تَسَّاءَلُونَ) بِالتَّشْدِيدِ، بِمَعْنَى: تَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ أَدْغَمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي السِّينِ، فَجَعَلَهُمَا سِينًا مُشَدَّدَةً، وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: ﴿تَسَاءَلُونَ﴾ [النساء: ١] بِالتَّخْفِيفِ عَلَى مِثَالِ تَفَاعَلُونَ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، أَعْنِي التَّخْفِيفَ وَالتَّشْدِيدَ فِي قَوْلِهِ: ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١]، وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ أَصَابَ الصَّوَابَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهَيْهِ قُرِئَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ. وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٨٩] أَيُّهَا النَّاسُ، الَّذِي إِذَا سَأَلَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا سَأَلَ بِهِ، فَقَالَ السَّائِلُ لِلْمَسْئُولِ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ، وَأَنْشِدُكَ بِاللَّهِ، وَأُعَزِّمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكَمَا تُعَظِّمُونَ أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ، حَتَّى تَرَوْا أَنَّ مَنْ أَعْطَاكُمْ عَهْدَهُ فَأَخْفَرَكَمُوهُ، فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا، فَكَذَلِكَ فَعَظِّمُوهُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ، وَاجْتِنَابِكُمْ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، وَاحْذَرُوا عِقَابَهُ مِنْ مُخَالَفَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ
كَمَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] قَالَ: يَقُولُ: «اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَعَاقِدُونَ وَتَعَاهِدُونَ بِهِ»