طَيِّبٌ، وَهَذَا الَّذِي أَخَذَهُ خَبِيثٌ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: وَلَا تَتَبَدَّلُوا أَمْوَالَ أَيْتَامِكُمْ أَيُّهَا الْأَوْصِيَاءُ الْحَرَامَ عَلَيْكُمُ الْخَبِيثَ لَكُمْ، فَتَأْخُذُوا رَفَائِعَهَا وَخِيَارَهَا وَجِيَادَهَا وَبِالطِّيِّبِ الْحَلَالِ لَكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَتَجْعَلُوا الرَّدِئَ الْخَسِيسَ بَدَلًا مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ تَبَدَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَخَذَ شَيْئًا مَكَانَ آخَرَ غَيْرِهِ، يُعْطِيهِ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ، أَوْ يَجْعَلُهُ مَكَانَ الَّذِي أَخَذَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى التَّبْدِيلِ وَالِاسْتِبْدَالِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِيَ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: هُوَ أَخْذُ أَكْبَرِ وَلَدِ الْمَيِّتِ جَمِيعَ مَالِ مَيِّتِهِ وَوَالِدِهِ دُونَ صِغَارِهِمْ إِلَى مَالِهِ، قَوْلٌ لَا مَعْنًى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْأَكْبَرُ مِنْ وَلَدِهِ جَمِيعَ مَالِهِ دُونَ الْأَصَاغِرِ مِنْهُمْ، فَلَمْ يَسْتَبْدِلْ مِمَّا أَخَذَ شَيْئًا، فَمَا التَّبَدُّلِ الَّذِي قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] وَلَمْ يُبَدِّلِ الْآخِذُ مَكَانَ الْمَأْخُوذِ بَدَلًا؟ وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ لَا تَتَعَجَّلِ الرِّزْقَ الْحَرَامَ قَبْلَ مَجِيءِ الْحَلَالِ، فَإِنَّهُمَا أَيْضًا إِنْ لَمْ يَكُونَا أَرَادَا بِذَلِكَ نَحْوَ الْقَوْلِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالْمَعْصِيَةِ يَأْتِيهَا، فَفَسَادُهُ نَظِيرُ فَسَادِ قَوْلِ ابْنِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ مَنِ اسْتَعْجَلَ الْحَرَامَ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ آتَاهُ اللَّهُ رِزْقَهُ الْحَلَالَ فَلَمْ يُبَدِّلْ شَيْئًا مَكَانَ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَا أَرَادَا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ نَهَى عِبَادَهُ أَنْ يَسْتَعْجِلُوا الْحَرَامَ فَيَأْكُلُوهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْحَلَالِ، فَيَكُونَ أَكْلُهُمْ ذَلِكَ سَبَبًا لِحِرْمَانِ الطَّيِّبِ مِنْهُ،