ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء: ١٨] «فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ» :﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] «فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَغْفِرَةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ، وَأَرْجَأَ أَهْلَ التَّوْحِيدِ إِلَى مَشِيئَتِهِ، فَلَمْ يُؤَيِّسْهُمْ مِنَ الْمَغْفِرَةِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ مَا ذَكَرَهُ الثَّوْرِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كُفَّارٌ، فَلَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ أَهْلُ النِّفَاقِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء: ١٨] مَعْنًى مَفْهُومٌ، لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا هُمْ وَالَّذِينَ قَبْلَهُمْ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ أَنَّ جَمِيعَهُمْ كُفَّارٌ، فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِيقِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ بَطَلَ أَنْ تَكُونَ تَوْبَةُ وَاحِدٍ مَقْبُولَةً، وَفِي تَفْرِقَةِ اللَّهِ جَلَّ ثناؤُهُ بَيْنَ أَسْمَائِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ بِأَنْ سَمَّى أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ كَافِرًا، وَوَصَفَ الصِّنْفَ الْآخَرَ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ سَيِّئَاتٍ، وَلَمْ يُسَمِّهِمْ كُفَّارًا مَا دَلَّ عَلَى افْتِرَاقِ مَعَانِيهِمْ، -[٥٢٠]- وَفِي صِحَّةِ كَوْنِ ذَلِكَ كَذَلِكَ صِحَّةُ مَا قُلْنَا، وَفَسَادُ مَا خَالَفَهُ