مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: ١٩] يَعْنِي تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٠٤] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ [النساء: ١٩] يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا نِكَاحَ نِسَاءِ أَقَارِبِكُمْ وَآبَائِكُمْ كَرْهًا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ كَانُوا يَرِثُونَهُنَّ؟ وَمَا وَجْهُ تَحْرِيمِ وِرَاثَتِهِنَّ، فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ النِّسَاءَ مُوَرِّثَاتٌ كَمَا الرِّجَالُ مُوَرِّثُونَ؟ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى وِرَاثَتِهِنَّ إِذَا هُنَّ مُتْنَ فَتَرَكْنَ مَالًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَنَّهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ إِحْدَاهُنَّ إِذَا مَاتَ زَوْجُهَا كَانَ ابْنُهُ أَوْ قَرِيبُهُ أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهَا بِنَفْسِهَا، إِنْ شَاءَ نَكَحَهَا وَإِنْ شَاءَ عَضَلَهَا فَمَنَعَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى تَمُوتَ، فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى عِبَادِهِ، وَحَظَرَ عَلَيْهِمْ نِكَاحَ حَلَائِلِ آبَائِهِمْ، وَنَهَاهُمْ عَنْ عَضْلِهِنَّ عَنِ النِّكَاحِ. وَبِنَحْوِ الْقَوْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩] قَالَ: «كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ -[٥٢٢]- شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، وَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ»


الصفحة التالية
Icon