وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ: (وَأَحَلَّ لَكُمْ)، بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ أَحَلَّ، بِمَعْنَى: كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ " وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]. ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي نَقُولُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُخْتَلِفَتَيِ الْمَعْنَى، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ الْحَقَّ وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فَإِنَّهُ يَعْنِي: مَا عَدَا هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي حَرَّمْتُهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ، يَقُولُ: أَنْ تَطْلُبُوا وَتَلْتَمِسُوا بِأَمْوَالِكُمْ، إِمَّا شِرَاءً بِهَا وَإِمَّا نِكَاحًا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ [البقرة: ٩١] يَعْنِي: بِمَا عَدَاهُ وَبِمَا سِوَاهُ. وَأَمَّا مَوْضِعُ أَنْ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فَرَفْعٌ تَرْجَمَةً عَنْ مَا الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: وَأُحِلَّ بِضَمِّ الْأَلِفِ. ونُصِبَ عَلَى ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: وَأَحَلَّ، بِفَتْحِ الْأَلِفِ. وَقَدْ يُحْتَمَلُ النَّصْبُ فِي ذَلِكَ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ لِأَنْ تَبْتَغُوا، فَلَمَّا حُذِفَتِ اللَّامُ الْخَافِضَةُ اتَّصَلَتْ بِالْفِعْلِ قَبْلَهَا فَنُصِبَتْ.